للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِثَلَاثِ طَلْقَاتٍ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَطْلُقُ وَاحِدَةً وَتَبِينُ بِهِ

وَكَذَا إذَا آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ فَبَانَتْ مِنْهُ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ تَطْلُقُ كُلَّمَا رَدَّهَا وَمُضِيُّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ حَتَّى تَبِينَ بِثَلَاثٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَوْ وَقَعَتْ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ رَدَّهَا بَعْدَ زَوْجٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا يَقَعُ شَيْءٌ خِلَافًا لِزُفَرَ وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَسْأَلَةِ التَّنْجِيزِ عَلَى مَا مَرَّ. .

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ عَلَّقَ الثَّلَاثَ أَوْ الْعِتْقَ بِالْوَطْءِ لَمْ يَجِبْ الْعُقْرُ بِاللُّبْثِ) أَيْ، وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثَ بِالْجِمَاعِ بِأَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ جَامَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَجَامَعَهَا وَوَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ ثُمَّ لَبِثَ بَعْدَ الْإِدْخَالِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ بَعْدَ وُق وَعِ الثَّلَاثِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْمَهْرُ، وَكَذَا لَوْ عَلَّقَ بِهِ الْعِتْقَ بِأَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ جَامَعْتُك فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَجَامَعَهَا عَتَقَتْ إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ ثُمَّ إذَا لَبِثَ سَاعَةً لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْعُقْرُ، وَلَوْ أَخْرَجَهُ ثُمَّ أَوْلَجَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ يَجِبُ الْعُقْرُ عَلَيْهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعُقْرُ بِاللُّبْثِ فِيهِمَا لِوُجُودِ الْجِمَاعِ مَعْنًى بَعْدَ ثُبُوتِ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ وَالْحُرْمَةِ إذْ مَعْنَى الْجِمَاعِ حُصُولُ الِالْتِذَاذِ بِمُمَاسَّةِ الْفَرْجَيْنِ وَقَدْ وُجِدَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وَاحِدٌ وَهُوَ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ فَكَانَ الْجِمَاعُ وَاحِدًا مِنْ وَجْهٍ وَأَوَّلُهُ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْحَدِّ فَامْتَنَعَ وُجُوبُهُ فَوَجَبَ الْعُقْرُ إذْ الْبُضْعُ الْمُحْتَرَمُ لَا يُصَانُ إلَّا بِضَمَانٍ جَابِرٍ أَوْ بِحَدٍّ زَاجِرٍ فَإِذَا امْتَنَعَ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ تَعَيَّنَ الْمَهْرُ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ مَعَ الشُّبْهَةِ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْجِمَاعَ إدْخَالُ الْفَرْجِ فِي الْفَرْجِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ بَعْدَ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ وَالْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْإِدْخَالَ لَا دَوَامَ لَهُ حَتَّى يَكُونَ لِدَوَامِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُدْخِلُ دَابَّتَهُ الْإِصْطَبْلَ وَهِيَ فِيهِ لَا يَحْنَثُ بِإِمْسَاكِهَا فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخْرَجَ ثُمَّ أَوْلَجَ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ الْجِمَاعُ فِيهِ حَقِيقَةً بَعْدَ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ نَظَرًا إلَى اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ وَالْمَقْصُودِ وَهُوَ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ فَإِذَا امْتَنَعَ الْحَدُّ وَجَبَ الْمَهْرُ لِمَا ذَكَرْنَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَمْ يَصِرْ بِهِ مُرَاجِعًا فِي الرَّجْعِيِّ إلَّا إذَا أَوْلَجَ ثَانِيًا) أَيْ لَمْ يَصِرْ مُرَاجِعًا بِاللُّبْثِ إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا إلَّا إذَا أَخْرَجَ ثُمَّ أَوْلَجَ ثَانِيًا، وَهَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَصِيرُ مُرَاجِعًا لِوُجُودِ الْمِسَاسِ بِشَهْوَةٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَلِمُحَمَّدٍ أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ يَتَعَرَّضُ لِلْبُضْعِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَصْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخْرَجَ ثُمَّ أَوْلَجَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ أَنَّ رَجُلًا زَنَى بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَإِنْ لَبِثَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَنْزِعْ وَجَبَ عَلَيْهِ مَهْرَانِ مَهْرٌ بِالْوَطْءِ وَمَهْرٌ بِالْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْنِفْ الْفِعْلَ؛ لِأَنَّ دَوَامَهُ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ فَوْقَ الْخَلْوَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ. .

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا تَطْلُقُ فِي إنْ نَكَحْتُهَا عَلَيْكِ فَهِيَ طَالِقٌ فَنَكَحَ عَلَيْهَا فِي عِدَّةِ الْبَائِنِ) أَيْ لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ الْجَدِيدَةُ فِيمَا إذَا قَالَ لِلَّتِي تَحْتَهُ إنْ تَزَوَّجْتُ عَلَيْكِ امْرَأَةً فَالَّتِي أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَطَلَّقَ الَّتِي مَعَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْرَى وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يُوجَدْ؛ لِأَنَّ التَّزَوُّجَ عَلَيْهَا أَنْ يُدْخِلَ عَلَيْهَا مَنْ يُنَازِعُهَا فِي الْفِرَاشِ وَيُزَاحِمُهَا فِي الْقَسْمِ وَلَمْ يُوجَدْ. .

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا فِي أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ قَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَيْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ إذَا كَانَ مُتَّصِلًا، وَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ قَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، وَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدْ اسْتَثْنَى» رَوَاهُ النَّسَائِيّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا وَلَفْظُهُ «لَمْ يَحْنَثْ»، وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مُتَّصِلًا وَلِأَنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهَا فَكَانَ إعْدَامًا لِلْجَزَاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: ٤٠] وَمِثْلُهُ

إذَا شَابَ الْغُرَابُ أَتَيْت أَهْلِي ... وَعَادَ الْقَارُ كَاللَّبَنِ الْحَلِيبِ

، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا} [الكهف: ٦٩] وَلَمْ يَصْبِرْ وَلَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ مُخْلِفَ الْوَعْدِ لِتَعْلِيقِهِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى

وَقَالَ مَالِكٌ يَقَعُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ لَمَا أَجْرَاهُ عَلَى لِسَانِهِ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا بَيَّنَّا وَمَا جَرَى عَلَى لِسَانِهِ تَعْلِيقٌ لَا تَطْلِيقٌ وَمَوْتُهَا لَا يُنَافِي التَّعْلِيقَ؛ لِأَنَّهُ مُبْطِلٌ وَالْمَوْتُ أَيْضًا مُبْطِلٌ فَلَا يَتَنَافَيَانِ فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحًا فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً فَمَاتَتْ قَبْلَ قَوْلِهِ وَاحِدَةً حَيْثُ يَبْطُلُ الْإِيجَابُ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ يُبْطِلُ الْمُوجِبَ لَا الْمُبْطِلَ، وَهَذَا لِأَنَّ الْوَقْعَ بِالْعَدَدِ إذْ ذَكَرَ الْعَدَدَ وَالْمَوْتَ أَيْضًا قَبْلَهُ يُنَافِيهِ فَلَا يَقَعُ الْمُوجِبُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَوْلُهُ مُتَّصِلًا إشَارَةٌ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

( قَوْلُهُ، وَلَوْ عَلَّقَ الثَّلَاثَ أَوْ الْعِتْقَ بِالْوَطْءِ لَمْ يَجِبْ الْعُقْرُ) قَالَ فِي دِيوَانِ الْأَدَبِ الْعُقْرُ مَهْرُ الْمَرْأَةِ إذَا وُطِئَتْ عَنْ شُبْهَةٍ وَالْمُرَادُ مِنْهُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَبِهِ فَسَّرَ الْإِمَامُ الْعَتَّابِيُّ الْعُقْرَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَلِهَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْمَنْظُومَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَفْظَ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُخْتَلِفِ الْعُقْرَ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْعُقْرِ هُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْمَهْرُ) أَيْ مَهْرُ الْمِثْلِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ) أَيْ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>