وَحْدَهُ فِي الْمَرَضِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي الْمُخْتَصَرِ وَهُمَا فِي الْمَرَضِ أَوْ الشَّرْطِ فَقَطْ
وَإِنْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِهَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ وَأَنْ يَكُونَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ أَوْ الشَّرْطُ وَحْدَهُ فِي الْمَرَضِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَهُمَا فِي الْمَرَضِ أَوْ الشَّرْطِ. وَقَوْلُهُ وَفِي غَيْرِهَا لَا أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّوَرِ الَّتِي ذَكَرْنَا لَا تَرِثُ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي الصِّحَّةِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا أَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ فِيمَا إذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ أَوْ كَيْفَمَا كَانَ إذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلِهَا الَّذِي لَهَا مِنْهُ بُدٌّ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا. .
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ فَصَحَّ فَمَاتَ أَوْ أَبَانَهَا فَارْتَدَّتْ فَأَسْلَمَتْ فَمَاتَ لَمْ تَرِثْ) أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّهُ بِالْبُرْءِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَرَضِ الْمَوْتِ وَأَنَّ حَقَّهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِمَالِهِ إذْ مَرَضُ الْمَوْتِ هُوَ الَّذِي يَتَّصِلُ بِهِ الْمَوْتُ وَمَا بَرِئَ مِنْهُ لَيْسَ بِمَرَضِ الْمَوْتِ، وَلِهَذَا تُعْتَبَرُ تَبَرُّعَاتُهُ فِيهِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَكَذَا إذَا أَقَرَّ بِالدَّيْنِ لَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ غُرَمَاءُ الصِّحَّةِ، وَقَالَ زُفَرُ تَرِثُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَّهَمًا بِالْفِرَارِ حِينَ طَلَّقَهَا ظَانًّا أَنَّهُ مَرَضُ الْمَوْتِ فَصَارَ مُتَعَدِّيًا بِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْبُرْءِ الْمُتَخَلِّلِ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا بَيَّنَّاهُ. وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِأَنَّهَا بِالِارْتِدَادِ أَبْطَلَتْ أَهْلِيَّةَ الْإِرْثِ إذْ الْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ أَحَدًا، وَلِأَنَّهَا إنَّمَا تَرِثُ بِتَقْدِيرِ بَقَاءِ النِّكَاحِ فِي حَقِّ اسْتِحْقَاقِ الْإِرْثِ فَلَمْ يَبْقَ النِّكَاحُ سَبَبًا فِي حَقِّ الْإِرْثِ فِي حَقِّهَا فَبَطَلَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَإِذَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ عَوْدُ السَّبَبِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ حَيْثُ تَعُودُ إذَا أَسْلَمَتْ لِأَنَّ سُقُوطَهَا لِفَوَاتِ الِاحْتِبَاسِ بِحَبْسِ الزَّوْجِ لِأَنَّهَا تَكُونُ مَحْبُوسَةً بِحَبْسِ الْقَاضِي فَإِذَا أَسْلَمَتْ عَادَتْ إلَى حَبْسِهِ فَتَعُودُ النَّفَقَةُ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ طَاوَعَتْ ابْنَ الزَّوْجِ أَوْ لَاعَنَ أَوْ آلَى مَرِيضًا وَرِثَتْ) أَمَّا الْمُطَاوَعَةُ فَالْمُرَادُ بِهَا الْمُطَاوَعَةُ بَعْدَ مَا أَبَانَهَا أَمَّا إذَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِالْمُطَاوَعَةِ لَا تَرِثُ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهَا فَلَمْ يَكُنْ فَارًّا، وَكَذَا إذَا طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ طَاوَعَتْ لَا تَرِثُ لِمَا قُلْنَا؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّ لَا يُزِيلُ النِّكَاحَ فَتَكُونُ الْحُرْمَةُ مُضَافَةً إلَى الْمُطَاوَعَةِ وَهُوَ فِعْلُهَا بِاخْتِيَارِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا طَاوَعَتْ بَعْدَ مَا أَبَانَهَا؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ ثَبَتَتْ بِفِعْلِهِ فَصَارَ بِهِ فَارًّا لِتَعَلُّقِ حَقِّهَا بِمَالِهِ وَلَا يَبْطُلُ بِثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ لِأَنَّهَا لَا تُنَافِي الْإِرْثَ بِخِلَافِ الرِّدَّةِ بَعْدَ الْإِبَانَةِ؛ لِأَنَّهَا تُنَافِي أَهْلِيَّةَ الْإِرْثِ إذْ الْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ أَحَدًا. وَأَمَّا اللِّعَانُ فَلِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ بِسَبَبِ قَذْفٍ وُجِدَ مِنْهُ فَكَانَ فَارًّا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْقَذْفُ فِي الْمَرَضِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ إذَا قَذَفَهَا فِي الصِّحَّةِ وَلَاعَنَهَا فِي الْمَرَضِ لَا تَرِثُ، وَهَذَا مُلْحَقٌ بِفِعْلِهَا الَّذِي لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ إذْ هِيَ مُلْجَأَةٌ إلَى اللِّعَانِ لِدَفْعِ عَارِ الزِّنَا عَنْ نَفْسِهَا وَقَدْ بَيَّنَّا الْوَجْهَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بَيَانَ أَنَّهُ مُلْحَقٌ بِهِ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِلِعَانِهَا وَهُوَ آخِرُ اللِّعَانَيْنِ فَيُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْفُرْقَةَ تَقَعُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَكَيْفَ يُضَافُ إلَى فِعْلِهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ اللِّعَانُ شَهَادَةٌ عِنْدَنَا وَالْحُكْمُ بِهَا لَا بِالْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَلْجَأٌ فَكَانَ مَنْسُوبًا إلَيْهَا وَهِيَ مُضْطَرَّةٌ فِيهِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهَا بِهِ. وَأَمَّا الْإِيلَاءُ فَالْمُرَادُ بِهِ إذَا آلَى فِي الْمَرَضِ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَهُوَ مَرِيضٌ. وَأَمَّا إذَا آلَى وَهُوَ صَحِيحٌ وَبَانَتْ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَنَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ لَاعَنَ أَوْ آلَى مَرِيضًا وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ بِمَنْزِلَةِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهَا إذَا مَضَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَأَنْتِ بَائِنٌ وَقَدْ بَيَّنَّا الْحُكْمَ فِيهِ فَإِنْ قِيلَ فِي الْإِيلَاءِ فِي الصِّحَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَارًّا لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إبْطَالِهِ بِالْفَيْءِ فَإِذَا لَمْ يَفِئْ حَتَّى بَانَتْ كَانَ قَاصِدًا لِإِبْطَالِ حَقِّهَا فَيُرَدُّ عَلَيْهِ قَصْدُهُ فَتَرِثُ كَمَا إذَا وَكَّلَ وَكِيلًا فِي الصِّحَّةِ فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ فِي مَرَضِ الْمُوَكِّلِ فَإِنَّهَا تَرِثُ؛ لِأَنَّهُ جُعِلَ مُبَاشِرًا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْعَزْلِ قُلْنَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْفَيْءِ إلَّا بِضَرَرٍ وَهُوَ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ مُتَمَكِّنًا مُطْلَقًا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ فَلَمْ يَبْقَ النِّكَاحُ سَبَبًا فِي حَقِّ الْإِرْثِ) أَيْ إذْ بِارْتِدَادِهَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ اهـ. (قَوْلُهُ فَإِذَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ مَا بَطَلَ النِّكَاحُ اهـ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ) أَيْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِالْمُطَاوَعَةِ لَا تَرِثُ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ بِخِلَافِ مَا إذَا طَاوَعَتْ ابْنَ زَوْجِهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ أَكْرَهَهَا ابْنُ زَوْجِهَا فَغَلَبَ عَلَى نَفْسِهَا حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهَا الْمِيرَاثُ إذَا طَلَّقَهَا الزَّوْجُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمَّا إذَا طَاوَعَتْ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِبُطْلَانِ حَقِّهَا بِمُبَاشَرَةِ سَبَبِ الْفُرْقَةِ، وَكَذَا إذَا أَكْرَهَهَا ابْنُ زَوْجِهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَمَّا بَطَلَ بِالْمَحْرَمِيَّةِ الْحَاصِلَةِ بِحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ لَمْ يُصَادِفْ طَلَاقُ الزَّوْجِ مَحَلًّا فَلَمْ يَكُنْ فَارًّا إلَّا إذَا أَمَرَ ابْنَهُ بِذَلِكَ فَأَكْرَهَهَا حَيْثُ يَكُونُ لَهَا الْمِيرَاثُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَمَرَ صَارَ قَاصِدًا إلَى إسْقَاطِ حَقِّهَا فَصَارَ فَارًّا وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُرِيدُ بَعْدَ مَا أَبَانَهَا فَلَا يَبْطُلُ مِيرَاثُهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْقِطَ لِلْإِرْثِ لَمْ يُوجَدْ مِنْ جِهَتِهَا وَإِنَّمَا تَكَرَّرَ سَبَبُ الْفِرَارِ مِنْ الزَّوْجِ أَعْنِي الرِّدَّةَ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَبِهِ يَتَقَرَّرُ حَقُّهَا وَلَا يَبْطُلُ اهـ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنَافِي الْإِرْثَ) أَيْ، وَلِهَذَا يَرِثُ الْمَحْرَمُ مِنْ الْمَحْرَمِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْقَذْفُ فِي الْمَرَضِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ) أَيْ وَلَاعَنَ فِي الْمَرَضِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَرِثَتْ. اهـ. رَازِيٌّ. (قَوْلُهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ) أَيْ وَزُفَرُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَاعَنَهَا فِي الْمَرَضِ لَا تَرِثُ) أَيْ لِعَدَمِ الْفِرَارِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْفُرْقَةِ قَذْفُ الرَّجُلِ وَلَمْ يَكُنْ قَذْفُهُ فِي زَمَانِ تَعَلُّقِ حَقِّهَا بِمَالِهِ اهـ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا آلَى وَهُوَ صَحِيحٌ) أَيْ بِأَنْ قَالَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ مَرِضَ ثُمَّ مَضَتْ الْمُدَّةُ فِي الْمَرَضِ وَحَصَلَتْ الْبَيْنُونَةُ لَمْ تَرِثْ؛ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ تُضَافُ إلَى الْإِيلَاءِ وَقَدْ وُجِدَ الْإِيلَاءُ فِي الصِّحَّةِ وَلَمْ يَصْنَعْ الزَّوْجُ فِي الْمَرَضِ شَيْئًا مِنْ مُبَاشَرَةِ عِلَّةٍ أَوْ شَرْطٍ اهـ رَازِيٌّ. (قَوْلُهُ وَبَانَتْ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا) أَيْ اتِّفَاقًا وَيَحْتَاجُ الشَّيْخَانِ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَا إذَا قَذَفَهَا وَهُوَ صَحِيحٌ وَلَاعَنَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ حَيْثُ قَالَا لَهَا الْمِيرَاثُ وَفَرَّقَ لَهُمَا بِأَنَّ الْقَذْفَ مَحْظُورٌ فَجُوزِيَ بِرَدِّ قَصْدِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْإِيلَاءِ فَإِنَّهُ مَشْرُوعٌ فِي الْجُمْلَةِ فَلَمْ يَرْتَكِبْ بِهِ مَحْظُورًا فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ اهـ. .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute