للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يُعْتَبَرُ كَمَا لَا يُعْتَبَرُ قَبْلَهُ احْتِمَالُ الْإِسْقَاطِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ. .

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ وَالتَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي مَرَضِهِ أَوْ بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَهُمَا فِي مَرَضِهِ أَوْ الشَّرْطُ فَقَطْ أَوْ بِفِعْلِهَا وَلَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ وَهُمَا فِي الْمَرَضِ أَوْ الشَّرْطُ وَرِثَتْ وَفِي غَيْرِهَا لَا) وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَجِيءِ الزَّمَانِ أَوْ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِفِعْلِ نَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ الْمَرْأَةِ وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ أَوْ كَانَا فِي الْمَرَضِ أَمَّا الْوَجْهَانِ الْأَوَّلَانِ وَهُوَ مَا إذَا عَلَّقَهُ بِمَجِيءِ الزَّمَانِ أَوْ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ لِلْفِرَارِ وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ لَمْ تَرِثْ

وَقَالَ زُفَرُ تَرِثُ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ كَالْمُرْسَلِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَكَانَ تَطْلِيقًا بَعْدَ تَعَلُّقِ حَقِّهَا بِمَالِهِ وَلَنَا أَنَّهُ كَالْمُنَجَّزِ عِنْدَهُ حُكْمًا لَا قَصْدًا، وَلِهَذَا لَوْ وُجِدَ الشَّرْطُ وَهُوَ مَجْنُونٌ يَقَعُ، وَلَوْ كَانَ قَصْدًا لَمَا وَقَعَ لِعَدَمِ الْقَصْدِ مِنْهُ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُطَلِّقَ بَعْدَ مَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِشَرْطٍ ثُمَّ وُجِدَ الشَّرْطُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ كَانَ قَصْدًا لَحَنِثَ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ صُنْعٌ بَعْدَ مَا تَعَلَّقَ حَقُّهَا بِمَالِهِ وَلَا هُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مَنْعِ فِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ وَمَجِيءِ الزَّمَانِ فَلَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا وَالْفِرَارُ بِالتَّعَدِّي، وَلِهَذَا شَرَطَ فِي الْمُخْتَصَرِ أَنْ يَكُونَا فِي الْمَرَضِ بِقَوْلِهِ وَالتَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي مَرَضِهِ.

وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَهُوَ مَا إذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ فَتَرِثُ كَيْفَمَا كَانَ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ وَكَانَ الْفِعْلُ مِمَّا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ قَاصِدًا إبْطَالَ حَقِّهَا بِالتَّعْلِيقِ وَالشَّرْطِ أَوْ بِالشَّرْطِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ لِلشَّرْطِ شَبَهًا بِالْعِلَلِ لِمَا أَنَّ الْوُجُودَ عِنْدَهُ فَصَارَ مُتَعَدِّيًا مِنْ وَجْهٍ

صِيَانَةً لِحَقِّهَا

وَاضْطِرَارُهُ لَا يُبْطِلُ حَقَّ غَيْرِهِ كَإِتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ حَالَةَ الِاضْطِرَارِ أَوْ النَّوْمِ. وَأَمَّا الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَهُوَ مَا إذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلِهَا فَإِنْ كَانَ فِعْلًا لَهَا مِنْهُ بُدٌّ لَمْ تَرِثْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ أَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِالشَّرْطِ وَالرِّضَا بِهِ يَكُونُ رِضًا بِالْمَشْرُوطِ

وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا مَا لَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ إنْ ضَرَبْت هَذَا الْعَبْدَ فَهُوَ حُرٌّ فَضَرَبَهُ كَانَ لِلضَّارِبِ أَنْ يُضَمِّنَ الْحَالِفَ مَعَ رِضَاهُ بِالشَّرْطِ؛ لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ وَبَعْدَ التَّسْلِيمِ الْإِرْثُ يُثْبِتُ بِمَالِهِ شُبْهَةَ الْعُدْوَانِ فَيُبْطِلُ بِمَالِهِ شُبْهَةً بِالرِّضَا كَذَلِكَ الضَّمَانُ، وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ الرِّضَا بِالشَّرْطِ إنَّمَا يَكُونُ رِضًا بِالْمَشْرُوطِ إذَا كَانَ الْإِقْدَامُ عَلَى الشَّرْطِ بِاخْتِيَارِهِ وَمَسْأَلَةُ الضَّرْبِ مَوْضُوعَةٌ فِيمَا إذَا قَالَ إنْ لَمْ أَضْرِبْهُ الْيَوْمَ فَهُوَ حُرٌّ، وَقَالَ شَرِيكُهُ إنْ ضَرَبْته فَهُوَ حُرٌّ فَكَانَ مُضْطَرًّا فِي الضَّرْبِ فَلَا يَكُونُ الرِّضَا بِهِ رِضًا بِالْعِتْقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْهُ بُدٌّ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَكَلَامِ الْأَبَوَيْنِ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَاسْتِيفَائِهِ تَرِثُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَا فِي الْمَرَضِ أَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ هُوَ يَقُولُ إنَّ الزَّوْجَ لَمْ يُبَاشِرْ الْعِلَّةَ بَعْدَ مَا تَعَلَّقَ حَقُّهَا بِمَالِهِ وَلَا الشَّرْطَ فَلَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا وَبِهِ يَثْبُتُ الْفِرَارُ وَأَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّ رِضَاهَا قَدْ انْعَدَمَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا لَا تَجِدُ مِنْهُ بُدًّا وَذَلِكَ لَا يَجْعَلُهُ فَارًّا إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ كَمَا قُلْنَا فِي التَّعْلِيقِ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ وَمَجِيءِ الْوَقْتِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الْمَرَضِ لِوُجُودِ التَّعَدِّي مِنْهُ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ وَهُمَا يَقُولَانِ أَنَّهَا مُضْطَرَّةٌ فِي تَحْصِيلِ الشَّرْطِ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا إنْ لَمْ تُقْدِمْ يَخَافُ عَلَى دِينِهَا أَوْ نَفْسِهَا وَإِنْ أَقْدَمَتْ يَسْقُطُ حَقُّهَا

وَهَذَا الِاضْطِرَارُ مِنْ جِهَتِهِ فَيُنْقَلُ إلَيْهِ كَمَا يُنْقَلُ إلَى الْمُكْرَهِ وَإِلَى الشَّاهِدِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَى الْقَاضِي شَيْءٌ عِنْدَ رُجُوعِهِمْ وَلَا عَلَى الْمُكْرَهِ فَإِنْ قِيلَ الضَّرُورَةُ الَّتِي تُوجِبُ نَقْلَ الْفِعْلِ هِيَ الضَّرُورَةُ الْحَامِلَةُ عَلَيْهِ وَهَذِهِ ضَرُورَةٌ مَانِعَةٌ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ الْمَنْعُ مِنْ تَحْصِيلِ الطَّلَاقِ فَكَيْفَ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ قُلْنَا لَمَّا ثَبَتَتْ الضَّرُورَةُ ثَبَتَتْ شُبْهَةُ النَّقْلِ، وَهَذَا الْقَدْرُ كَافٍ لِهَذَا الْحُكْمِ لِثُبُوتِهِ بِشُبْهَةِ الْعُدْوَانِ، وَذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي مَبْسُوطِهِ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ مَتَى عَلَّقَهُ بِمَجِيءِ الزَّمَانِ أَوْ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ يُشْتَرَطُ فِيهِ لِإِرْثِهَا أَنْ يُوجَدَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ كَمَا شَرَطَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَإِنْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يُوجَدَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ أَوْ الشَّرْطُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ بِأَنْ قَالَ إذَا دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ إذَا صَلَّى فُلَانٌ الظُّهْرَ. اهـ. هِدَايَةٌ. (قَوْلُهُ أَوْ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنْتِ طَالِقٌ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَنَا أَنَّهُ كَالْمُنَجَّزِ إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَنَا أَنَّ التَّعْلِيقَ السَّابِقَ يَصِيرُ تَعْلِيقًا عِنْدَ الشَّرْطِ حُكْمًا لَا قَصْدًا وَلَا ظُلْمَ إلَّا عَنْ قَصْدٍ فَلَا يُرَدُّ تَصَرُّفُهُ، وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَلَنَا أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْفِرَارُ فَلَا تَرِثُ بَيَانُهُ أَنَّهُ حِينَ عَلَّقَ كَانَ صَحِيحًا وَلَمْ يَكُنْ حَقُّ الْمَرْأَةِ مُتَعَلِّقًا بِمَالِهِ فَلَمْ يُوجَدْ الْفِرَارُ وَحِينَ وُجِدَ الشَّرْطُ لَمْ يُوجَدْ فِعْلٌ مِنْ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَمْرٌ سَمَاوِيٌّ، أَوْ فِعْلُ الْأَجْنَبِيِّ وَالزَّوْجُ لَيْسَ بِقَادِرٍ عَلَى إبْطَالِ التَّعْلِيقِ وَلَا عَلَى مَنْعِ الْفِعْلِ السَّمَاوِيِّ وَلَا عَلَى مَنْعِ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ إيجَادِ الشَّرْطِ فَلَمْ يَكُنْ فَارًّا فَلَا تَرِثُ لِعَدَمِ قَصْدِ الْعُدْوَانِ مِنْ الزَّوْجِ اهـ. (قَوْلُهُ حُكْمًا) أَيْ ضَرُورَةَ تَحَقُّقِ الْمَشْرُوطِ لَا أَنَّهُ قَصَدَ الْإِيقَاعَ عِنْدَ الشَّرْطِ حَتَّى يَكُونَ فَارًّا اهـ. (قَوْلُهُ بَعْدَ مَا تَعَلَّقَ حَقُّهَا إلَخْ) لَفْظَةُ مَا لَيْسَتْ فِي خَطِّ الشَّارِحِ اهـ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ فِعْلًا لَهَا مِنْهُ بُدٌّ) أَيْ كَكَلَامِ زَيْدٍ وَنَحْوِهِ اهـ. (قَوْلُهُ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ) أَيْ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ. اهـ. هِدَايَةٌ. (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ اهـ. (قَوْلُهُ وَبِهِ يَثْبُتُ) أَيْ بِالتَّعَدِّي اهـ. (قَوْلُهُ فَيُنْقَلُ إلَيْهِ) أَيْ فَصَارَ كَأَنَّ الْفِعْلَ وُجِدَ مِنْ الزَّوْجِ فَتَرِثُ اهـ. (قَوْلُهُ كَمَا يُنْقَلُ إلَى الْمُكْرَهِ) أَيْ عَلَى إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ اهـ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>