للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابْنِي أَوْ أَبِي أَوْ أُمِّي فُلَانَ وِلَايَةَ الدَّعْوَةِ لَهُ لِقِيَامِ مِلْكِهِ فَيَثْبُتُ بِهِ نَسَبُهُ إذَا كَانَ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ أَوْ لِمِثْلِهِمَا يُولَدُ ذَلِكَ، وَإِذَا ثَبَتَ عَتَقَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَسْتَنِدُ النَّسَبُ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ فِي الْوَلَدِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلِقَ حُرًّا إذَا كَانَ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِهِ، وَإِلَّا تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَتِيقٌ مِنْ وَقْتِ مِلْكِهِ، وَكَذَا فِي غَيْرِ الِابْنِ

وَإِنْ كَانَ لَا يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ أَوْ مِثْلُهُ لِمِثْلِهَا أَوْ كَانَ الْوَلَدُ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ لَا يَثْبُتُ مِنْهُ لِلتَّعَذُّرِ، وَيَعْتِقُ لِأَنَّهُ يُجْعَلُ مَجَازًا عَنْ التَّحْرِيرِ لِكَوْنِهِ مِنْ لَوَازِمِهِ فَجَازَتْ الِاسْتِعَارَةُ فِيهِ لِأَنَّ الْبُنُوَّةَ وَالْأُبُوَّةَ سَبَبٌ لِحُرِّيَّةِ الْمَمْلُوكِ، وَعِنْدَهُمَا إذَا كَانَ لَا يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ أَوْ مِثْلُ الْمُدَّعِي لِمِثْلِهِمَا لَا يَعْتِقُ لِأَنَّهُ مُحَالٌ فَيُرَدُّ كَمَا لَوْ قَالَ أَعْتَقْتُك قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ، وَقَبْلَ أَنْ تُخْلَقَ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ صَحِيحٌ بِمَجَازِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِيلًا بِحَقِيقَتِهِ لِكَوْنِهِ إخْبَارًا عَنْ حُرِّيَّتِهِ مِنْ حِينِ مَلَكَهُ فَيُصَارُ إلَيْهِ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ يَنْصَرِفُ إلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا لِاسْتِحَالَةِ أَكْلِهَا، وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَجَازَ خَلَفٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ فِي الْحُكْمِ عِنْدَهُمَا، وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَنْعَقِدَ السَّبَبُ فِي الْأَصْلِ عَلَى الِاحْتِمَالِ ثُمَّ يَمْتَنِعُ وُجُودُهُ لِعَارِضٍ فَيَخْلُفُهُ غَيْرُهُ مَجَازًا كَمَا لَوْ كَانَ فِي مَسْأَلَتِنَا غَيْرُ، مُسْتَحِيلٍ بِأَنْ كَانَ يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ، وَهُوَ مَعْرُوفُ النَّسَبِ فَإِنَّهُ لَوْلَا ثُبُوتُهُ مِنْ غَيْرِهِ لَثَبَتَ مِنْهُ فَيَخْلُفُهُ لَوَازِمُهُ، وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ، وَعِنْدَهُ الْمَجَازُ خَلَفٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ فِي التَّكَلُّمِ بِمَعْنَى أَنَّ التَّكَلُّمَ بِكَلَامٍ وَإِرَادَةَ، مَا وُضِعَ لَهُ أَصْلٌ، وَالتَّكَلُّمَ، بِذَلِكَ الْكَلَامِ، وَإِرَادَةَ، غَيْرِهِ مَجَازٌ خَلَفٌ عَنْ الْأَصْلِ، وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ - وَهُوَ الْمُتَكَلَّمُ بِهِ - صَالِحًا، بِأَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً وَخَبَرًا حَتَّى يَكُونَ عَامِلًا فِي إيجَابِ الْحُكْمِ الَّذِي يَقْبَلُهُ الْمَحَلُّ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ، وَلَا مَعْنًى، لِمَا قَالَا لِأَنَّ الْمَجَازَ مَأْخُوذٌ مِنْ جَاز زَيْدٌ يَجُوزُ إذَا انْتَقَلَ، وَالِانْتِقَالُ مِنْ أَوْصَافِ الْأَلْفَاظِ فَإِنَّ اللَّفْظَ هُوَ الَّذِي يَنْتَقِلُ مِنْ الْمَوْضُوعِ لَهُ إلَى غَيْرِهِ

فَأَمَّا الْمَعَانِي فَلَا يُمْكِنُ نَقْلُهَا حَتَّى يُجْعَلَ مَجَازًا خَلَفًا عَنْ الْحَقِيقَةِ، وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ قَوْلُهُ لِعَبْدِهِ: هَذَا حُرٌّ أَوْ حِمَارٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ هَذَا الْجِدَارُ فَعَبْدُهُ يَعْتِقُ، وَتَلْزَمُهُ الْأَلْفُ لِصِحَّةِ التَّكَلُّمِ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ثُبُوتُ الْحُرِّيَّةِ وَالدَّيْنِ فِي مُطْلَقِ أَحَدِهِمَا خِلَافًا لَهُمَا لِاسْتِحَالَةِ ثُبُوتِ الْحَقِيقَةِ ثُمَّ قِيلَ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَصْدِيقِ الْعَبْدِ لِأَنَّ إقْرَارَ الْمَالِكِ عَلَى مَمْلُوكِهِ يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقِهِ، وَقِيلَ يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُهُ فِيمَا سِوَى دَعْوَةِ الْبُنُوَّةِ لِأَنَّ فِيهِ حَمْلَ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ فَيَكُونُ فِيهِ إلْزَامُ الْعَبْدِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ فَيُشْتَرَطُ تَصْدِيقُهُ، وَلَوْ قَالَ لِصَغِيرٍ هَذَا جَدِّي أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ هَذَا ابْنِي قِيلَ عَلَى الْخِلَافِ، وَقِيلَ لَا يَعْتِقُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا مُوجِبَ لَهُ فِي الْمِلْكِ إلَّا بِوَاسِطَةٍ، وَهُوَ الْأَبُ، وَهِيَ غَيْرُ ثَابِتَةٍ بِكَلَامِهِ فَتَعَذَّرَ أَنْ يُجْعَلَ مَجَازًا عَنْ الْمُوجِبِ بِخِلَافِ الْبُنُوَّةِ وَالْأُبُوَّةِ لِأَنَّ لَهُمَا مُوجِبًا فِي الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ، وَأَمَّا الثَّانِي فَالْمُشَارُ إلَيْهِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى فَيَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِالْمُسَمَّى، وَهُوَ مَعْدُومٌ فَلَا يُعْتَبَرُ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي النِّكَاحِ، وَلَوْ قَالَ هَذَا أَخِي لَا يَعْتِقُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِمَا أَنَّهُ لَا مُوجِبَ لَهُ فِي الْمِلْكِ إلَّا بِوَاسِطَةٍ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَعْتِقُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ صِحَّةَ الْمَجَازِ تَعْتَمِدُ صِحَّةَ التَّكَلُّمِ بِهِ عِنْدَهُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (لَا بِيَا ابْنِي وَيَا أَخِي وَلَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك، وَأَلْفَاظِ الطَّلَاقِ وَأَنْتَ مِثْلُ الْحُرِّ) أَيْ لَا يَعْتِقُ بِقَوْلِهِ يَا ابْنِي وَيَا أَخِي، وَلَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك إلَى آخِرِهِ

أَمَّا عَدَمُ الْوُقُوعِ بِقَوْلِهِ يَا ابْنِي فَلِأَنَّ، النِّدَاءَ لِإِعْلَامِ الْمُنَادَى، وَاسْتِحْضَارُهُ، مَوْصُوفًا بِالْوَصْفِ الْمَذْكُورِ، غَيْرَ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ إثْبَاتُهُ مِنْ جِهَتِهِ ثَبَتَ تَصْدِيقًا لَهُ كَمَا قُلْنَا فِي قَوْلِهِ يَا حُرُّ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُهُ مِنْ جِهَتِهِ لَا يَثْبُتُ لِتَعَذُّرِ الْبُنُوَّةِ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهَا بِقَوْلِهِ هَذَا ابْنِي إذْ لَمْ يُخْلَقْ مِنْ مَائِهِ بِخِلَافِ الْحُرِّيَّةِ فِي قَوْلِهِ يَا حُرُّ، وَكَذَا قَوْلُهُ يَا أَخِي لِمَا ذَكَرْنَا، وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ إلَّا بِوَاسِطَةٍ، وَتِلْكَ لَمْ تَثْبُتْ، وَكَذَا لَوْ قَالَ يَا ابْنُ أَوْ يَا بُنَيَّ أَوْ يَا بُنَيَّةُ لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْهُ إلَى نَفْسِهِ، وَلَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ ابْنٌ لَهُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ لَفْظَ الِابْنِ مُكَبَّرًا أَوْ مُصَغَّرًا، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الْعِتْقَ لِأَنَّهُ كَمَا قَالَ هُوَ ابْنُ أَبِيهِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُنَادًى بِأَنْ قَالَ هَذَا ابْنٌ لَمْ يَعْتِقْ لِمَا ذَكَرْنَا فَمَعَ النِّدَاءِ أَوْلَى، وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك فَلِأَنَّ السُّلْطَانَ هُوَ الْحُجَّةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [النمل: ٢١] أَيْ بِحُجَّةٍ، وَيُذْكَرُ، وَيُرَادُ بِهِ الْيَدُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ فِيهِمَا إلَّا بِالنِّيَّةِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَيَثْبُتُ بِهِ نَسَبُهُ إذَا كَانَ مِثْلُهُ) يَعْنِي إذَا كَانَ مِثْلُهُ فِي السِّنِّ يَجُوزُ شَرْعًا أَنْ يَكُونَ ابْنًا لِمِثْلِ الْمُدَّعِي فِي السِّنِّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ لَا الْمُشَاكَلَةُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُدَّعِي أَبْيَضَ نَاصِعًا، وَالْمَقُولُ لَهُ أَسْوَدُ حَالِكٌ أَوْ بِالْقَلْبِ وَسِنُّهُ يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ ابْنَهُ ثَبَتَ النَّسَبُ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ أَوْ لِمِثْلِهِمَا) أَيْ الْأَبِ وَالْأُمِّ اهـ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لَا بِيَا ابْنِي) قَالَ الْكَمَالُ لِأَنَّ النِّدَاءَ لِإِعْلَامِ الْمُنَادَى بِمَطْلُوبِيَّةِ حُضُورِهِ فَإِنْ كَانَ بِوَصْفٍ يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ مِنْ جِهَتِهِ تَضَمَّنَ تَحْقِيقَ ذَلِكَ الْوَصْفِ تَحْقِيقًا لَهُ كَمَا سَلَفَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَانَ لِمُجَرَّدِ الْإِعْلَامِ، وَالْبُنُوَّةُ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهَا مِنْ جِهَةِ الْمُعْتِقِ إلَّا تَبَعًا لِثُبُوتِ النَّسَبِ، وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ مَعْرُوفَ النَّسَبِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ يَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ النَّسَبُ تَصْدِيقًا لَهُ فَيَعْتِقُ اهـ قَالَ فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ إذَا قَالَ يَا ابْنِي يَا بِنْتِي يَا أَبِي فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ إلَّا إذَا نَوَى لِأَنَّ النِّدَاءَ لَا يُرَادُ بِهِ مَا وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ اسْتِحْضَارُ الْمُنَادَى إلَّا إذَا ذَكَرَ اللَّفْظَ الْمَوْضُوعَ لِلْحُرِّيَّةِ كَقَوْلِهِ يَا حُرُّ يَا مَوْلَايَ يَعْتِقُ لِأَنَّ فِي الْمَوْضُوعِ يُعْتَبَرُ الْمَعْنَى، وَنُقِلَ فِي الْأَجْنَاسِ عَنْ نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ يَا خَالِي يَا عَمِّي أَوْ قَالَ يَا أَبِي يَا جَدِّي أَوْ قَالَ يَا ابْنِي أَوْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ يَا عَمَّتِي أَوْ يَا خَالَتِي أَوْ يَا أُخْتِي أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ يَا أَخِي لَا يَعْتِقُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَالْأَصْلُ هُنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّدَاءِ هُوَ اسْتِحْضَارُ الْمُنَادَى لَكِنَّ الِاسْتِحْضَارَ إذَا كَانَ بِلَفْظٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى وَصْفٍ يُتَصَوَّرُ إثْبَاتُ ذَلِكَ الْوَصْفِ مِنْ جِهَةِ الْمُنَادَى كَانَ اسْتِحْضَارًا لَهُ بِتَحَقُّقِ ذَلِكَ الْوَصْفِ كَقَوْلِهِ يَا حُرُّ فَيَعْتِقُ إلَّا إذَا سَمَّاهُ حُرًّا وَنَادَاهُ بِقَوْلِهِ يَا حُرُّ فَلَا يَعْتِقُ، وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ بِلَفْظٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى وَصْفٍ لَا يُتَصَوَّرُ إثْبَاتُ ذَلِكَ الْوَصْفِ مِنْ جِهَةِ الْمُنَادِي كَانَ النِّدَاءُ لِمُجَرَّدِ الْإِعْلَامِ لَا لِتَحْقِيقِ ذَلِكَ الْوَصْفِ كَقَوْلِهِ يَا ابْنِي لِأَنَّ الْمُخْتَلَقَ مِنْ مَاءِ الْغَيْرِ لَا يَكُونُ ابْنًا لِلْمُنَادِي بِالنِّدَاءِ بِلَفْظِ الِابْنِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>