للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا لِأَنَّ حَذْفَ الْحَرْفِ مُتَعَارَفٌ بَيْنَهُمْ اخْتِصَارًا ثُمَّ إذَا حُذِفَ الْحَرْفُ وَلَمْ تُعَوَّضْ مِنْهُ هَا التَّنْبِيهُ وَلَا هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ وَلَا قَطْعُ أَلْفِ الْوَصْلِ لَمْ يَجُزْ الْخَفْضُ إلَّا فِي اسْمِ اللَّهِ بَلْ يُنْصَبُ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ أَوْ يُرْفَعْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ ابْتِدَاءٍ مُضْمَرٌ إلَّا فِي اسْمَيْنِ فَإِنَّهُ الْتَزَمَ فِيهِمَا الرَّفْعَ وَهُمَا أَيْمُنُ اللَّهِ وَلَعَمْرُ اللَّهِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَكَفَّارَتُهُ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ أَوْ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ كَهُمَا فِي الظِّهَارِ أَوْ كِسْوَتُهُمْ بِمَا يَسْتُرُ عَامَّةَ الْبَدَنِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [المائدة: ٨٩] الْآيَةَ. وَكَلِمَةُ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ فَكَانَ الْوَاجِبُ أَحَدَ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ وَقَوْلُهُ كَهُمَا فِي الظِّهَارِ أَيْ كَالْإِطْعَامِ وَالتَّحْرِيرِ فِي الظِّهَارِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُمَا هُنَاكَ وَقَوْلُهُ {أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [المائدة: ٨٩] بِمَا يَسْتُرُ عَامَّةَ الْبَدَنِ أَيْ كِسْوَةُ عَشْرَةِ مَسَاكِينَ بِثَوْبٍ يَسْتُرُ عَامَّةَ الْجَسَدِ وَهُوَ بَيَانُ أَدْنَى الْكِسْوَةِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَالْمَرْوِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ أَدْنَاهُ مَا يَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ حَتَّى يَجُوزَ السَّرَاوِيلُ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ لَابِسٌ شَرْعًا إذْ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَقَدْ أَقَامَهُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إنْ أَعْطَى الْمَرْأَةَ ذَلِكَ الْقَدْرَ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ لَابِسَهُ يُسَمَّى عُرْيَانًا فِي الْعُرْفِ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْمُطْلَقَاتِ وَذَلِكَ قَمِيصٌ أَوْ إزَارٌ أَوْ رِدَاءٌ وَلَكِنَّ مَا لَا يُجْزِيهِ عَنْ الْكِسْوَةِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

لِأَنَّهُمَا مِنْ حُرُوفِ الزَّوَائِدِ وَتُبْدَلُ بِهَا فِي نَحْوِ تُجَاهٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَكَفَّارَتُهُ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ إلَخْ) شَرَعَ فِي الْكَفَّارَةِ بَعْدَ بَيَانِ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ وَمَا لَا يَنْعَقِدُ لِأَنَّهَا تَكُونُ بَعْدَ الْيَمِينِ لِوُجُوبِهَا بِالْحِنْثِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ قَالَ الْكَمَالُ الْكَفَّارَةُ فَعَّالَةٌ مِنْ الْكُفْرِ وَهُوَ السَّتْرُ وَبِهِ سُمِّيَ اللَّيْلُ كَافِرًا قَالَ

فِي لَيْلَةٍ كَفَرَ النُّجُومَ غَمَامُهَا

وَتَكَفَّرَ بِثَوْبِهِ اشْتَمَلَ بِهِ وَإِضَافَتُهَا إلَى الْيَمِينِ فِي قَوْلِنَا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ إضَافَةٌ إلَى الشَّرْطِ مَجَازًا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ إضَافَةٌ إلَى السَّبَبِ فَالْيَمِينُ هِيَ السَّبَبُ اهـ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ عِتْقُ رَقَبَةٍ قَالَ الْكَمَالُ أَيْ إعْتَاقُهَا لَا نَفْسَ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ لَوْ وَرِثَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَنَوَى عَنْ الْكَفَّارَةِ لَا يَجُوزُ وَيُجْزِئُ فِيهَا مَا يُجْزِئُ فِي الظِّهَارِ وَتَقَدَّمَ الْمُجْزِئُ فِي الظِّهَارِ مِنْ أَنَّهَا الْمُسْلِمَةُ وَالْكَافِرَةُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرَةُ وَالْكَبِيرَةُ وَلَا يُجْزِئُ فَائِتُ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَتُجْزِئُ الْعَوْرَاءُ لَا الْعَمْيَاءُ وَمَقْطُوعُ إحْدَى الْيَدَيْنِ وَإِحْدَى الرِّجْلَيْنِ مِنْ خِلَافِ وَلَا يَجُوزُ مَقْطُوعُهُمَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا مَقْطُوعُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَفِي الْأَصَمِّ اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ

وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ إذَا صِيحَ عَلَيْهِ يَسْمَعُ جَازَ وَلَا يَجُوزُ الْمَجْنُونُ الَّذِي لَا يُفِيقُ وَمَنْ يُفِيقُ وَيُجَنُّ يَجُوزُ وَلَا الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ لِأَنَّهُمَا لِاسْتِحْقَاقِهِمَا الْحُرِّيَّةَ نَقَصَ الرِّقُّ فِيهِمَا بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ الَّذِي لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا يَجُوزُ بِخِلَافِ الَّذِي أَدَّى بَعْضَ شَيْءٍ لِأَنَّهُ كَالْمَعْتُوقِ بِعِوَضٍ وَإِنْ شَاءَ كَسَا عَشْرَةَ مَسَاكِينَ كُلَّ وَاحِدٍ ثَوْبًا فَمَا زَادَ يَعْنِي إنْ كَسَاهُ ثَوْبَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَهُوَ أَفْضَلُ وَأَدْنَاهُ مَا يَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَإِنْ شَاءَ أَطْعَمَ عَشْرَةَ مَسَاكِينَ كَالْإِطْعَامِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَهِيَ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ بِإِسْنَادِهِ إلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ نِصْفُهُ مِنْ بُرٍّ وَبِإِسْنَادِهِ إلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ وَبِسَنَدِهِ إلَى الْحَسَنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ يُغَدِّيهِمْ وَيُعَشِّيهِمْ وَبِإِسْنَادِهِ إلَى مُجَاهِدٍ قَالَ كُلُّ كَفَّارَةٍ فِي الْقُرْآنِ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ وَلَوْ غَدَّاهُمْ وَعَشَّاهُمْ وَفِيهِمْ فَطِيمٌ أَوْ فَوْقَهُ قَرِيبًا لَمْ يَجُزْ عَنْ إطْعَامِ مِسْكِينٍ وَيَجُوزُ أَنْ يُغَدِّيَهُمْ وَيُعَشِّيَهُمْ بِخُبْزٍ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ بُرًّا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِدَامُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَبِإِدَامٍ وَيُجْزِئُ فِي الْإِطْعَامِ كُلٌّ مِنْ التَّمْلِيكِ وَالْإِبَاحَةِ وَتَقَدَّمَ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: ٨٩] وَكَلِمَةُ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ فَكَانَ الْوَاجِبُ أَحَدَ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ وَلِلْعَبْدِ الْخِيَارُ فِي تَعْيِينِ أَيِّهِمَا شَاءَ وَيَتَعَيَّنُ الْوَاجِبُ عَيْنًا بِفِعْلِ الْعَبْدِ وَالْمَسْأَلَةُ طَوِيلَةٌ فِي الْأُصُولِ اهـ

قَوْلُهُ وَالصَّغِيرَةُ إلَخْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَطْلَقَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَلَمْ يُقَيِّدْ فَجَازَ هُنَا مَا جَازَ ثَمَّةَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَقَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ مَقْطُوعُهُمَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ أَيْ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْمَشْيِ مُتَعَذِّرَةٌ اهـ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ قَمِيصٌ أَوْ إزَارٌ) أَوْ قَبَاءٌ أَوْ كِسَاءٌ أَوْ جُبَّةٌ أَوْ مِلْحَفَةٌ لِأَنَّ لَابِسَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يُسَمَّى مُكْتَسِيًا فَيُجْزِئُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَفِي السَّرَاوِيلِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ قَالَ فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ لَا يَجُوزُ فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ يَجُوزُ كَذَا فِي الْأَجْنَاسِ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ لَا يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ الْعِمَامَةُ وَلَا الْقَلَنْسُوَةُ وَلَا السَّرَاوِيلُ وَرَوَى ذَلِكَ ابْنُ سِمَاعَةَ وَبِشْرٌ وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ إمْلَاءِ مُحَمَّدٍ عَنْهُ كَذَلِكَ أَنَّ لَابِسَهُ يُسَمَّى عُرْيَانَا وَقَالَ فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى وَعَنْ مُحَمَّدٍ إنْ أَعْطَى الْمَرْأَةَ لَا يَجُوزُ وَإِنْ أَعْطَى الرَّجُلَ يَجُوزُ لِجَوَازِ صَلَاتِهِ فِيهِ كَالْقَمِيصِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَذَكَرَ ابْنُ شُجَاعٍ فِي كِتَابِ الْكَفَّارَاتِ مِنْ تَصْنِيفِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ كَانَ الْعِمَامَةُ قَدْرُهَا قَدْرُ الْإِزَارِ السَّابِغِ أَوْ مَا يُقْطَعُ قَمِيصًا يُجْزَى وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ مِنْ الْكِسْوَةِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَسَا رَجُلًا فَأَمَّا إذَا كَسَا امْرَأَةً قَالَ الطَّحَاوِيُّ يَزِيدُ فِيهِ الْخِمَارَ لِأَنَّ رَأْسَهَا عَوْرَةٌ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ إذَا كَانَتْ مَكْشُوفَةً اهـ قَالَ الْكَمَالُ وَهَذَا يُشَابِهُ الرِّوَايَةَ الَّتِي عَنْ مُحَمَّدٍ فِي دَفْعِ السَّرَاوِيلِ أَنَّهُ لِلْمَرْأَةِ لَا يَكْفِي وَهَذَا كُلُّهُ ظَاهِرُ الْجَوَابِ وَإِنَّمَا ظَاهِرُ الْجَوَابِ مَا ثَبَتَ بِهِ اسْمُ الْمُكْتَسِي وَيَنْتَفِي عَنْهُ اسْمُ الْعُرْيَانِ وَعَلَيْهِ بُنِيَ عَدَمُ إجْزَاءِ السَّرَاوِيلِ لَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ وَعَدَمُهَا فَإِنَّهُ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْأَمْرِ بِالْكِسْوَةِ إذْ لَيْسَ مَعْنَاهُ إلَّا جَعْلَ الْفَقِيرِ مُكْتَسِيًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَالْمَرْأَةُ إذَا كَانَتْ لَابِسَةً قَمِيصًا سَابِلًا وَإِزَارًا وَخِمَارًا غَطَّى رَأْسَهَا وَأُذُنَيْهَا دُونَ عُنُقِهَا لَا شَكَّ فِي ثُبُوتِ اسْمِ أَنَّهَا مُكْتَسِيَةٌ لَا عُرْيَانَةٌ وَمَعَ هَذَا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهَا فَالْعِبْرَةُ لِثُبُوتِ ذَلِكَ الِاسْمِ صَحَّتْ الصَّلَاةُ أَوْ لَا اهـ

(قَوْلُهُ وَلَكِنَّ مَا لَا يُجْزِيهِ عَنْ الْكِسْوَةِ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ ثُمَّ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِلْإِجْزَاءِ عَنْ الْإِطْعَامِ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ عَنْ الْإِطْعَامِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُجْزِيهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ عَنْ الْإِطْعَامِ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>