للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَدَ بَعْضَهَا سَتُّوقَةً فَرَدَّ لَمْ يَحْنَثْ بِالرَّدِّ مَا لَمْ يَسْتَبْدِلْ لِأَنَّ السَّتُّوقَةَ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا فَلَمْ يُوجَدْ قَبْضُ الْكُلِّ حَتَّى يَقْبِضَ الْبَدَلَ فَإِذَا قَبَضَهُ وُجِدَ قَبْضُ الْكُلِّ مُتَفَرِّقًا بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَدَ بَعْضَهَا زُيُوفًا حَيْثُ لَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ بَرَّ حِينَ وُجِدَ قَبْضُ الْكُلِّ وَبِالرَّدِّ لَمْ يُنْتَقَضْ الْقَبْضُ فِي حَقِّهِ عَلَى مَا مَرَّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (لَا بِتَفْرِيقٍ ضَرُورِيٍّ) أَيْ لَا يَحْنَثُ إذَا قَبَضَهُ مُتَفَرِّقًا بِتَفْرِيقٍ ضَرُورِيٍّ وَهُوَ أَنْ يَقْبِضَهُ فِي وَزْنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَلَمْ يَتَشَاغَلْ بَيْنَ الْوَزَنَاتِ بِعَمَلٍ غَيْرِ الْوَزْنِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَذَّرُ قَبْضُ الْكُلِّ دُفْعَةً وَاحِدَةً فَيَصِيرُ هَذَا الْقَدْرُ مُسْتَثْنًى مِنْهَا وَلِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ التَّفْرِيقِ لَا يُسَمَّى تَفْرِيقًا عَادَةً وَالْعَادَةُ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ نَظِيرُ الِاخْتِلَافِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ لَا يَرْكَبُ هَذِهِ الدَّابَّةَ فَنَزَعَهُ لِلْحَالِ أَوْ نَزَلَ عَنْهَا لِلْحَالِ وَقَدْ بَيَّنَّا الْوَجْهَ فِيهِ مِنْ قَبْلُ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (إنْ كَانَ لِي إلَّا مِائَةً أَوْ غَيْرَ أَوْ سِوَى فَكَذَا لَمْ يَحْنَثْ بِمُلْكِهَا أَوْ بَعْضِهَا) أَيْ لَوْ قَالَ إنْ كَانَ لِي إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ غَيْرَ مِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ سِوَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ إذَا كَانَ مَا لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ أَوْ دُونَهَا لِأَنَّ غَرَضَهُ نَفْيُ مَا زَادَ عَلَى الْمِائَةِ فَكَانَ شَرْطُ حِنْثِهِ مِلْكُ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمِائَةِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَثْنَى الْمِائَةَ صَارَ الْمُسْتَثْنَى بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ خَارِجًا عَنْ الْيَمِينِ وَقَالَ فِي الْجَامِعِ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ كُنْت أَمْلِكُ إلَّا خَمْسِينَ دِرْهَمًا فَلَمْ يَمْلِكْ إلَّا عَشْرَةً لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهَا بَعْضُ الْمُسْتَثْنَى وَلَوْ مَلَكَ زِيَادَةً عَلَى خَمْسِينَ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَالِ الزَّكَاةِ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَالٌ لَا يَحْنَثُ بِمِلْكِ مَا لَيْسَ لِلتِّجَارَةِ وَلَوْ قَالَ مَالِي صَدَقَةٌ يَنْصَرِفُ إلَى مَالِ الزَّكَاةِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (لَا يَفْعَلُ كَذَا تَرَكَهُ أَبَدًا) لِأَنَّهُ نَفَى الْفِعْلَ مُطْلَقًا فَيَتَنَاوَلُ فَرْدًا شَائِعًا فِي جِنْسِهِ فَيَعُمُّ الْجِنْسَ كُلَّهُ ضَرُورَةَ شُيُوعِهِ وَإِلَّا لَمَا كَانَ شَائِعًا فِي الْجِنْسِ بَلْ فِي الْبَعْضِ الْمُنْتَفِي

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (لَيَفْعَلَنَّهُ بَرَّ بِمَرَّةٍ) أَيْ لَوْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا بَرَّ فِي يَمِينِهِ بِفِعْلِهِ مَرَّةً لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ فِعْلًا وَاحِدًا وَهُوَ نَكِرَةٌ فِي مَوْضِعِ الْإِثْبَاتِ فَيُخَصُّ وَيَحْنَثُ إذَا لَمْ يَفْعَلْهُ فِي عُمُرِهِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ أَوْ بِفَوْتِ مَحَلِّ الْفِعْلِ هَذَا إذَا كَانَتْ مُطْلَقَةً غَيْرَ مُؤَقَّتَةٍ وَإِنْ كَانَتْ مُؤَقَّتَةً بِوَقْتٍ وَلَمْ يَفْعَلْ فِيهِ يَحْنَثُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ إنْ كَانَ الْإِمْكَانُ بَاقِيًا فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَلَا يَحْنَثُ إنْ لَمْ يَبْقَ بِأَنْ وَقَعَ الْإِيَاسُ بِمَوْتِهِ أَوْ بِفَوْتِ الْمَحِلِّ لِأَنَّهُ فِي الْمُؤَقَّتَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ إلَّا فِي آخِرِ الْوَقْتِ فَإِذَا مَاتَ الْفَاعِلُ أَوْ فَاتَ الْمَحِلُّ اسْتَحَالَ الْبِرُّ فِي آخِرِ الْوَقْتِ فَتَبْطُلُ الْيَمِينُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي مَسْأَلَةِ الْكُوزِ وَيَتَأَتَّى فِيهِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ فِي فَوْتِ الْمَحِلِّ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ حَلَّفَهُ وَالٍ لَيُعْلِمَنَّهُ بِكُلِّ دَاعِرٍ دَخَلَ الْبَلَدَ تَقَيَّدَ بِقِيَامِ وِلَايَتِهِ)

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

كُلَّ الْمِائَةِ مُتَفَرِّقَةً فَلَوْ قَالَ هَكَذَا لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يُوجَدْ قَبْضُ الْكُلِّ بِصِفَةِ التَّفْرِيقِ فَأَمَّا إذَا أَخَذَ الْكُلَّ مُجْتَمِعًا أَوْ قَبَضَ الْبَعْضَ مُتَفَرِّقًا لَمْ يَحْنَثْ لِانْعِدَامِ شَرْطِ الْحِنْثِ اهـ

(قَوْلُهُ مُتَفَرِّقًا) أَيْ لِأَنَّ كَلِمَةَ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ وَقَدْ وُجِدَ شَرْطُ الْحِنْثِ فَيَحْنَثُ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَبَضَ الْكُلَّ جُمْلَةً) أَيْ وَقَدْ كَانَ حَلَفَ لَا يَقْبِضُ دَيْنَهُ دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ لَا يَحْنَثُ إذَا قَبَضَهُ مُتَفَرِّقًا بِتَفْرِيقٍ ضَرُورِيٍّ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ كَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو الْمُعِينِ النَّسَفِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَذَلِكَ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ قَبْضُ الْكُلِّ مُتَفَرِّقًا وَقَدْ حَصَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا وَزَنَ خَمْسِينَ فَدَفَعَهَا إلَيْهِ ثُمَّ وَزَنَ خَمْسِينَ أُخْرَى فَدَفَعَهَا إلَيْهِ حَصَلَ قَبْضُ الْكُلِّ بِصِفَةِ التَّفْرِيقِ لَا مَحَالَةَ وَلَكِنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي الِاسْتِحْسَانِ لِأَنَّ النَّاسَ يَعُدُّونَ هَذَا قَبْضُ الْجُمْلَةِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فَيَقُولُونَ قَبَضَ فُلَانٌ حَقَّهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَالْمَعْنَى الْجَامِعُ الْمُوجِبُ لِلِاتِّحَادِ وَهُوَ الْمَجْلِسُ مَوْجُودٌ اهـ

(قَوْلُهُ أَوْ نَزَلَ عَنْهَا لِلْحَالِ) وَأَوْضَحَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمَسْأَلَةَ بِالْعَدَدِيَّاتِ فَقَالَ أَلَا تَرَى أَنَّ الدَّيْنَ لَوْ كَانَ شَيْئًا عَدَدِيًّا فَجَعَلَ يَعُدُّ عَشْرَةً عَشْرَةً أَوْ مِائَةً مِائَةً وَيَدْفَعُهَا إلَيْهِ لَا يَحْنَثُ وَيُعْتَبَرُ قَابِضًا جُمْلَةً وَالْمَعْنَى كَوْنُ الِامْتِنَاعِ عَنْهُ غَيْرَ مُمْكِنٍ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ لِأَنَّ غَرَضَهُ) أَيْ مِنْهُ عُرْفًا. اهـ. كَمَالٌ (قَوْلُهُ لَا يَحْنَثُ بِمَالٍ لَيْسَ لِلتِّجَارَةِ) قَالَ الْكَمَالُ وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ لَوْ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَلَهُ عُرُوضٌ وَضِيَاعٌ وَدُورٌ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ لَمْ يَحْنَثْ وَالْمَسْأَلَةُ تَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لَا يَفْعَلُ كَذَا تَرَكَهُ أَبَدًا) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَا يَفْعَلُ كَذَا تَرَكَهُ أَبَدًا أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ مُطْلَقَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ مُؤَقَّتَةً بِزَمَانٍ كَالْيَوْمِ وَالشَّهْرِ تَتَوَقَّتُ يَمِينُهُ بِذَلِكَ الزَّمَانِ فَبَعْدَ ذَلِكَ تَنْحَلُّ وَلَا يَلْزَمُهُ تَرْكُ الْفِعْلِ بَعْدَ ذَلِكَ الزَّمَانِ. اهـ. (قَوْلُهُ بَلْ فِي الْبَعْضِ الْمُنْتَفِي) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَلِأَنَّ النَّكِرَةَ إذَا وَقَعَتْ فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ تَعُمُّ ضَرُورَةً وَهُنَا قَدْ وَقَعَتْ فَتَعُمُّ لِأَنَّ كُلَّ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَى مَصْدَرٍ نَكِرَةٍ أَمَّا دَلَالَتُهُ عَلَى الْمَصْدَرِ فَظَاهِرَةٌ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْحَدَثِ وَأَمَّا دَلَالَتُهُ عَلَى النَّكِرَةِ فَلِكَوْنِهَا هِيَ الْأَصْلَ وَإِنَّمَا الْمَعْرِفَةُ بِعَارِضٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَيَأْتِي فِيهِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ فِي فَوْتِ الْمَحِلِّ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَمَّا التَّوْقِيتُ فِي الْإِثْبَاتِ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَآكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ الْيَوْمَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ مَا دَامَ الْحَالِفُ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ قَائِمَيْنِ وَالْيَوْمُ بَاقٍ أَمَّا إذَا مَضَى الْيَوْمُ يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَا قَائِمَيْنِ لِفَوَاتِ الْبِرِّ لِفَوَاتِ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ

وَأَمَّا إذَا هَلَكَ الْحَالِفُ قَبْلَ مُضِيِّ الْيَوْمِ لَا يَحْنَثُ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ هَلَكَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَهُوَ الرَّغِيفُ قَبْلَ مُضِيِّ الْيَوْمِ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي الْحَالِ فَإِذَا مَضَى الْيَوْمُ اخْتَلَفُوا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَحْنَثُ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ تَصَوُّرَ الْبِرِّ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا اهـ وَقَالَ الْكَمَالُ فَلَوْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً مِثْلَ لَآكُلَنَّهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ سَقَطَتْ بِفَوَاتِ مَحَلِّ الْفِعْلِ قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ عِنْدَهُمَا عَلَى مَا سَلَفَ فِي مَسْأَلَةِ الْكُوزِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ فَلَوْ مَاتَ الْحَالِفُ قَبْلَ مُضِيِّهِ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ وَلَوْ جُنَّ الْحَالِفُ فِي يَوْمِهِ حَنِثَ عِنْدَنَا خِلَافًا لِأَحْمَدَ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ دَاعِرٌ) بِالدَّالِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ الْخَبِيثُ الْمُفْسِدُ مِنْ النَّاسِ وَجَمْعُهُ دُعَّارٌ مِنْ الدَّعْرِ وَهُوَ الْفَسَادُ يُقَالُ دَعِرَ الْعُودُ يَدْعَرُ دَعْرًا بِكَسْرِ الْعَيْنِ فِي الْمَاضِي وَفَتْحِهَا فِي الْمُضَارِعِ إذَا فَسَدَ كَذَا فِي الْجَمْهَرَةِ اهـ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ تَقَيَّدَ بِقِيَامِ وِلَايَتِهِ) وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُطْلَقَ لَا يَتَقَيَّدُ إلَّا بِدَلِيلٍ وَهُنَا تَقَيَّدَ بِحَالِ الْوِلَايَةِ بِدَلِيلِ غَرَضِ الْوَالِي. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>