للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصَارَتْ كَالْمُشْتَرَاةِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلِشُبْهَةِ الْفِعْلِ إنْ ظَنَّ حِلَّهُ كَمُعْتَدَّةِ الثَّلَاثِ وَأَمَةِ أَبَوَيْهِ وَزَوْجَتِهِ وَسَيِّدِهِ) أَيْ يَسْقُطُ الْحَدُّ لِأَجْلِ الشُّبْهَةِ فِي الْفِعْلِ إنْ ظَنَّ أَنَّ وَطْأَهَا حَلَالٌ لَهُ

وَيُسَمَّى هَذَا النَّوْعُ مِنْ الشُّبْهَةِ شُبْهَةً فِي الْفِعْلِ لِأَنَّ الْمِلْكَ وَالْحَقَّ غَيْرُ ثَابِتٍ فِي هَؤُلَاءِ اللَّاتِي ذَكَرَهُنَّ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا مَقْطُوعٌ بِهَا فَلَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهَا مِلْكٌ وَلَا حَقٌّ غَيْرَ أَنَّهُ بَقِيَ فِيهَا بَعْضُ الْأَحْكَامِ كَالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى وَالْمَنْعِ مِنْ الْخُرُوجِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ وَحُرْمَةِ أُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا وَعَدَمِ قَبُولِ شَهَادَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فَحَصَلَ الِاشْتِبَاهُ لِذَلِكَ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً إنْ ظَنَّ حِلَّهُ لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ الِاشْتِبَاهِ فَيُعْذَرُ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُوقِعَ الثَّلَاثَ جُمْلَةً أَوْ مُتَفَرِّقًا وَلَا اعْتِبَارَ بِخِلَافِ مَنْ أَنْكَرَ وُقُوعَ الْجُمْلَةِ لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا لِلْقَطْعِيِّ وَكَذَا الْأَمْلَاكُ مُتَبَايِنَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبَوَيْهِ وَكَذَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ فَلَا مِلْكَ لَهُ وَلَا حَقَّ فِي مَالِهِمْ وَكَذَا الْعَبْدُ فِي مَالِ مَوْلَاهُ غَيْرَ أَنَّ الْبُسُوطَةَ تَجْرِي بَيْنَهُمْ فِي الِانْتِفَاعِ بِالْأَمْوَالِ وَالرِّضَا بِذَلِكَ عَادَةً وَهِيَ تُجَوِّزُ الِانْتِفَاعَ بِمَالِهِ شَرْعًا فَإِذَا ظَنَّ الْوَطْءَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ حَلَالًا يُعْذَرُ لِأَنَّ وَطْءَ الْجَوَارِي مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِخْدَامِ فَيُشْتَبَهُ عَلَيْهِ الْحَالُ وَالِاشْتِبَاهُ فِي مَحِلِّهِ مَعْذُورٌ فِيهِ وَلِهَذِهِ الْمَسَائِلِ أَيْضًا أَخَوَاتٌ مِنْهَا الْمُطَلَّقَةُ عَلَى مَالٍ لِأَنَّ حُرْمَتَهَا ثَابِتَةٌ بِالْإِجْمَاعِ فَصَارَتْ كَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَمِنْهَا أُمُّ الْوَلَدِ إذَا أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا لِثُبُوتِ حُرْمَتِهَا بِالْإِجْمَاعِ

وَتَثْبُتُ الشُّبْهَةُ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ لِبَقَاءِ أَثَرِ الْفِرَاشِ وَهِيَ الْعِدَّةُ وَمِنْهَا الْجَارِيَةُ الْمَرْهُونَةُ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْحُدُودِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ مِنْ عَيْنِهَا لَا يُتَصَوَّرُ وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ مِنْ مَعْنَاهَا فَلَمْ يَكُنْ الْوَطْءُ حَاصِلًا فِي مَحَلِّ الِاسْتِيفَاءِ وَهَذَا لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يُفِيدُ مِلْكَ الْعَيْنِ حَقِيقَةً وَلِهَذَا لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ يَكُونُ كَفَنُهُ عَلَى الرَّاهِنِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَالْوَطْءُ يُصَادِفُ الْعَيْنَ وَلَئِنْ أَفَادَ مِلْكَ الْعَيْنِ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُفِيدَ مِلْكَ الْمُتْعَةِ بِحَالٍ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا لَهَا بَعْدَ الْهَلَاكِ وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا يُتَصَوَّرُ مِلْكُ الْمُتْعَةِ فِيهَا فَصَارَتْ كَالْجَارِيَةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْخِدْمَةِ وَكَجَارِيَةِ الْمَيِّتِ فِي حَقِّ الْغَرِيمِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرَاةِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا يَثْبُتُ حَقِيقَةً فِي حَالِ قِيَامِهَا عِنْدَ نُفُوذِ الْبَيْعِ وَذَلِكَ سَبَبٌ لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ فَإِنْ قِيلَ فَعَلَى هَذَا وَجَبَ أَنْ يَجِبَ الْحَدُّ عَلَى الْمُرْتَهِنِ مُطْلَقًا اُشْتُبِهَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يُشْتَبَهْ كَمَا فِي الْجَارِيَةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْخِدْمَةِ وَكَجَارِيَةِ الْمَيِّتِ فِي حَقِّ الْغَرِيمِ قُلْنَا الِاسْتِيفَاءُ سَبَبٌ لِمِلْكِ الْمَالِ فِي الْجُمْلَةِ وَمِلْكُ الْمَالِ سَبَبٌ لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ فِي الْجُمْلَةِ

فَحَصَلَ الِاشْتِبَاهُ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَجَارِيَةِ الْمَيِّتِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تُفِيدُ الْمُتْعَةَ بِحَالٍ وَالْغَرِيمُ لَا يَمْلِكُ عَيْنَ التَّرِكَةِ وَإِنَّمَا يَسْتَوْفِي حَقَّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَوْ مَلَكَ الْعَيْنَ أَوْ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِهَا لَمَا جَازَ بَيْعُهَا إلَّا بِإِذْنِهِ كَالرَّهْنِ ثُمَّ كَمَا يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُمَا بِدَعْوَى الْفَحْلِ يَسْقُطُ عَنْهُمَا بِدَعْوَى الْجَارِيَةِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ لِأَنَّهَا تَبَعٌ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

الرَّهْنِ. اهـ. فَتْحٌ قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَدْ دَخَلَ فِي سَبَبِ الْمِلْكِ صُوَرٌ مِثْلُ وَطْءِ جَارِيَةِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ وَمُكَاتَبِهِ وَوَطْءِ الْبَائِعِ الْجَارِيَةَ الْمَبِيعَةَ بَعْدَ الْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَاَلَّتِي فِيهَا الْخِيَارُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ جَارِيَتُهُ الَّتِي هِيَ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ وَجَارِيَتُهُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ وَالِاسْتِقْرَاءُ يُفِيدُك غَيْرَ ذَلِكَ أَيْضًا كَالزَّوْجَةِ الَّتِي حُرِّمَتْ بِرِدَّتِهَا أَوْ مُطَاوَعَتِهَا لِابْنِهِ أَوْ جِمَاعِهِ أُمَّهَا ثُمَّ جَامَعَهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا عَلَيْهِ حَرَامٌ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى قَاذِفِهِ لِأَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ لَمْ يُحَرِّمْ بِهِ فَاسْتُحْسِنَ أَنْ يُدْرَأَ بِذَلِكَ الْحَدُّ فَالِاقْتِصَارُ عَلَى السِّتَّةِ لَا فَائِدَةَ فِيهِ اهـ

وَقَدْ عَدَّهَا الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سِتَّةً أَيْضًا تَبَعًا لِلشَّارِحِينَ فَقَالَ قَبْلَ مَا نَقَلْته عَنْهُ آنِفًا وَالشُّبْهَةُ فِي الْمَحِلِّ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ جَارِيَةُ ابْنِهِ وَالْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا بَائِنًا بِالْكِنَايَاتِ وَالْجَارِيَةُ الْمَبِيعَةُ وَالْمَجْعُولَةُ مَهْرًا وَالْمُشْتَرَكَةُ وَالْمَرْهُونَةُ إذَا وَطِئَهَا الْمُرْتَهِنُ فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الرَّهْنِ وَعَلِمْت أَنَّهَا لَيْسَتْ بِالْمُخْتَارَةِ فَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَا يَجِبُ الْحَدُّ وَإِنْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ لِأَنَّ الْمَانِعَ هُوَ الشُّبْهَةُ وَهِيَ هُنَا قَائِمَةٌ فِي نَفْسِ الْحُكْمِ أَيْ الْحُرْمَةُ الْقَائِمَةُ بِهَا فِيهَا شُبْهَةٌ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِثَابِتَةٍ نَظَرًا إلَى دَلِيلِ الْحِلِّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ نَحْوِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» وَنَحْوِهِ فَلَا اعْتِبَارَ بِمَعْرِفَتِهِ بِالْحُرْمَةِ وَعَدَمِهَا اهـ مَعَ حَذْفِ

(قَوْلِهِ فِي الْمَتْنِ وَلِشُبْهَةِ الْفِعْلِ إنْ ظَنَّ حِلَّهُ) قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَشُبْهَةُ الْفِعْلِ فِي ثَمَانِيَةِ مَوَاضِعَ أَنْ يَطَأَ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ وَكَذَا جَارِيَةُ جَدِّهِ وَجَدَّتِهِ وَإِنْ عَلَيَا أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَائِنًا عَلَى مَالٍ وَكَذَا الْمُخْتَلِعَةُ بِخِلَافِ الْبَيْنُونَةِ بِلَا مَالٍ فَإِنَّهَا مِنْ الْحُكْمِيَّةِ أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ الَّتِي أَعْتَقَهَا وَهِيَ فِي عِدَّتِهِ وَالْعَبْدُ يَطَأُ جَارِيَةَ مَوْلَاهُ وَالْمُرْتَهِنُ يَطَأُ الْمَرْهُونَةَ اهـ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْكَنْزِ مِنْ هَذِهِ الثَّمَانِيَةِ خَمْسَةً وَذَكَرَ الشَّارِحُ الثَّلَاثَةَ الْبَاقِيَةَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ الِاشْتِبَاهِ فَيُعْذَرُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ وَطِئَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي أَوْ جَارِيَةً أَجْنَبِيَّةً عَلَى مَا يَأْتِي لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ أَنْكَرَ وُقُوعَ الْجُمْلَةِ) أَيْ فَإِنَّ الزَّيْدِيَّةَ يَقُولُونَ إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا جُمْلَةً لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةً وَالْإِمَامِيَّةُ يَقُولُونَ إنَّهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ أَصْلًا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ وَكَذَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ) قَالَ فِي أَمَالِي الْحَسَنِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إذَا زَنَى بِجَارِيَةِ امْرَأَتِهِ وَقَالَ إنَّهَا لِي حَلَالٌ عَلَيْهِ الْعُقْرُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ إنْ جَاءَتْ بِهِ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ أَوْ لَمْ تُصَدِّقْهُ وَلَوْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ لَا عُقْرَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ) قَالَ الْكَمَالُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالْمُسْتَعِيرُ لِلرَّهْنِ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمُرْتَهِنِ فَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَا حَدَّ إذَا قَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي وَلَوْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا حَرَامٌ وَجَبَ الْحَدُّ وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الظَّنَّ وَالْآخَرُ لَمْ يَدَّعِ لَا حَدَّ عَلَيْهِمَا حَتَّى يُقِرَّا جَمِيعًا لِعِلْمِهِمَا الْحُرْمَةَ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ إذَا ثَبَتَتْ فِي الْفِعْلِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ تَعَدَّتْ إلَى الْآخَرِ ضَرُورَةً. اهـ. (قَوْلُهُ يَسْقُطُ عَنْهُمَا بِدَعْوَى الْجَارِيَةِ الْحِلَّ) أَيْ لَا يُحَدُّ الْوَاطِئُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الِاشْتِبَاهَ إذَا قَالَتْ الْجَارِيَةُ ظَنَنْت أَنَّ عَبْدَ مَوْلَايَ أَوْ مَوْلَاتِي أَوْ ابْنَ مَوْلَايَ أَوْ مَوْلَاتِي أَوْ زَوْجَ سَيِّدَتِي يَحِلُّ لِي لِأَنَّ دَعْوَى الِاشْتِبَاهِ يَسْقُطُ عَنْهَا الْحَدُّ فَإِذَا سَقَطَ عَنْهَا سَقَطَ عَنْهُ لِأَنَّ الْفِعْلَ وَاحِدٌ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>