للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَبَ أَنْ لَا يُحَدَّ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ قَالَ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ وَأُمُّهُ مَيِّتَةٌ فَطَلَبَ الْوَالِدُ أَوْ الْوَلَدُ أَوْ وَلَدُهُ) أَيْ وَلَدُ الْوَلَدِ (حُدَّ) لِأَنَّهُ قَذَفَ مُحْصَنَةً بَعْدَ مَوْتِهَا وَلِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ مُطَالَبَةٌ لِوُقُوعِ الْقَدْحِ فِي نَسَبِهِمْ بِقَذْفِهَا فَيُحَدُّ بِطَلَبِهِمْ دَفْعًا لِلْعَارِ عَنْهُمْ وَلَا يُطَالِبُ بِحَدِّ الْقَذْفِ لِلْمَيِّتِ إلَّا مَنْ يَقَعُ الْقَدْحُ فِي نَسَبِهِ وَهُمْ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ لِأَنَّهُمْ يَلْحَقُهُمْ الْعَارُ بِذَلِكَ وَإِنْ عَلَوْا أَوْ سَفَلُوا لِمَكَانِ الْجُزْئِيَّةِ فَكَانَ الْقَذْفُ مُتَنَاوِلًا لَهُمْ مَعْنًى لِأَنَّ الْعَارَ نَوْعُ ضَرَرٍ وَالضَّرَرُ الرَّاجِعُ إلَى الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ كَالرَّاجِعِ إلَى نَفْسِهِ وَكَذَا النَّفْعُ الرَّاجِعُ إلَيْهِمْ كَالنَّفْعِ الرَّاجِعِ إلَى نَفْسِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ لَهُمْ وَدَفْعَ الزَّكَاةِ إلَيْهِمْ وَمَنْعَ الْوَكِيلِ مِنْ الْبَيْعِ لَهُمْ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا تَثْبُتُ الْمُطَالَبَةُ لِوَلَدِ الْبِنْتِ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى أَبِيهِ لَا إلَى أُمِّهِ فَلَا يَلْحَقُهُ الشَّيْنُ بِزِنَا أَبِي أُمِّهِ وَجَوَابُهُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الشَّيْنَ يَلْحَقُهُ إذْ النَّسَبُ ثَابِتٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَلِهَذَا لَوْ قُذِفَتْ أُمُّهُ كَانَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَهُ لَمَا خَاصَمَ فَكَذَا لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ بِقَذْفِ أَبِيهَا إذْ الْمَعْنَى يَشْمَلُهُمَا وَلَوْ كَانَ أَصْلُ الْمُحْصَنِ أَوْ فَرْعُهُ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِالْحَدِّ خِلَافًا لِزُفَرَ هُوَ يَقُولُ الْقَذْفُ يَتَنَاوَلُهُ مَعْنًى لِرُجُوعِ الْعَارِ إلَيْهِ فَلَا يُطَالِبُ بِالْحَدِّ كَمَا إذَا تَنَاوَلَهُ صُورَةً وَمَعْنًى بِأَنْ قَذَفَ نَفْسَهُ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَخَفُّ وَلَنَا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ إذْ الْكُفْرُ أَوْ الرِّقُّ لَا يُنَافِيهِ

وَقَدْ عَيَّرَهُ بِنِسْبَةِ مُحْصَنٍ إلَى الزِّنَا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْحَدِّ بِخِلَافِ مَا إذَا قَذَفَ نَفْسَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُحْصَنٍ فَلَا يَلْحَقُهُ الْعَارُ عَلَى الْكَمَالِ لِأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ عِنْدَ شَرَفِ الْمَنْسُوبِ إلَى الزِّنَا وَيَثْبُتُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ مَعَ قِيَامِ الْوَلَدِ خِلَافًا لِزُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُوَ يَقُولُ إنَّ الشَّيْنَ يَلْحَقُهُ فَوْقَ مَا يَلْحَقُ وَلَدَ الْوَلَدِ فَصَارَ هُوَ مَعَهُ كَالْمَقْذُوفِ مَعَ وَلَدِهِ فَاعْتُبِرَ هَذَا بِالْكَفَاءَةِ فَإِنَّهُ لَا حَقَّ فِي الْخُصُومَةِ لِلْأَبْعَدِ مَعَ الْأَقْرَبِ وَلَنَا أَنَّ حَقَّ الْخُصُومَةِ بِاعْتِبَارِ لُحُوقِ الْعَارِ وَهُمَا فِيهِ سَوَاءٌ بِخِلَافِ الْكَفَاءَةِ فَإِنَّ الْحَقَّ فِيهِ بِاعْتِبَارِ الْوِلَايَةِ عَلَى مَا قَالَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْإِنْكَاحُ إلَى الْعَصَبَاتِ» وَلِهَذَا لَا يُعْتَبَرُ الْإِرْثُ فِي الْقَذْفِ وَهُنَاكَ يُعْتَبَرُ بِخِلَافِ الْمَقْذُوفِ حَيْثُ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ مَعَهُ حَقٌّ لِأَنَّ حَقَّ الْخُصُومَةِ لَهُ بِاعْتِبَارِ نَيْلِ الْقَاذِفِ مِنْ عَرْضِهِ وَلَا يُزَاحِمُهُ أَحَدٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَلَا يَثْبُتُ لِغَيْرِهِ فِيهِ حَقٌّ مَعَ وُجُودِهِ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي لَيْلَى فِيمَا إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ غَائِبًا هُوَ يَعْتَبِرُهُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

{ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ} [هود: ٤٢]. اهـ. كَشَّافٌ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ قَالَ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ وَأُمُّهُ مَيِّتَةٌ) أَيْ مُحْصَنَةٌ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِكَوْنِ الْأُمِّ مُحْصَنَةً لِأَنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ عَلَى قَاذِفِ غَيْرِ الْمُحْصَنِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَطَ الْإِحْصَانَ فِي الْآيَةِ ثُمَّ الْإِحْصَانُ يَثْبُتُ بِإِقْرَارِ الْقَاذِفِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ وَالْبَيِّنَةُ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ فَإِنَّهُ يَشْتَرِطُ رَجُلَيْنِ وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ قُبَيْلَ بَابِ الْحَدِّ فَإِنْ أَنْكَرَ الْقَاذِفُ وَعَجَزَ الْمَقْذُوفُ عَنْ الْبَيِّنَةِ لَا يَسْتَحْلِفُ الْقَاذِفَ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَصْلُحُ لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ فَلَا يَثْبُتُ إحْصَانُهَا بِالظَّاهِرِ. اهـ. (قَوْلُهُ لِوُقُوعِ الْقَدْحِ) أَيْ الطَّعْنِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَيُحَدُّ بِطَلَبِهِمْ إلَخْ) هَلْ لِلْأُصُولِ أَوْ الْفُرُوعِ مُطَالَبَةُ قَاذِفِ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ الزِّنَا بِأَنْ قَالَ كَانَ سَارِقًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ نَحْوَهُ هَلْ لَهُمْ الْمُطَالَبَةُ بِالتَّعْزِيرِ ذَكَرَهَا فِي آخِرِ الْقُنْيَةِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي لَمْ يُوجَدْ فِيهَا نَصٌّ وَلَا جَوَابٌ شَافٍ. اهـ. (قَوْلُهُ وَهُمْ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ) فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الرَّجُلِ يَقْذِفُ الرَّجُلَ وَهُوَ مَيِّتٌ قَالَ لَا يَأْخُذُ بِالْحَدِّ إلَّا الْوَالِدُ وَالْوَلَدُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ يَعْنِي الْوَالِدَ وَالْجَدَّ وَإِنْ عَلَا وَالْوَلَدَ وَوَلَدَ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْجَدَّ يُسَمَّى أَبًا وَوَلَدَ الْوَلَدِ يُسَمَّى ابْنًا وَلَيْسَ لِلْأَخِ وَالْأُخْتِ وَالْعَمِّ أَنْ يَأْخُذُوا بِالْحَدِّ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَثْبُتُ الْمُطَالَبَةُ لِكُلِّ وَارِثٍ لِأَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ لِلْمَيِّتِ عِنْدَهُ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ وَعِنْدَنَا تَثْبُتُ الْمُطَالَبَةُ لِمَنْ يَقَعُ الْقَدْحُ فِي نَسَبِهِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ كَأَنَّهُ هُوَ الْمَقْذُوفُ لَا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ لِأَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ لِدَفْعِ الْعَارِ وَالْعَارُ إنَّمَا يَتَّصِلُ بِالْحَيِّ بِقَذْفِ الْمَيِّتِ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا جُزْئِيَّةٌ كَالْوَالِدِ وَالْوَلَدِ وَإِلَّا فَلَا وَلِهَذَا صَارَ الْوَالِدُ وَالْوَلَدُ بِمَنْزِلَةِ شَيْءٍ وَاحِدٍ حَيْثُ لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ بِخِلَافِ شَهَادَةِ الْأَخِ لِلْأُخْتِ وَبِالْعَكْسِ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ وَلِهَذَا اقْتَصَرَتْ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ بِالزِّنَا عَلَى قَرَابَةِ الْوِلَادِ دُونَ سَائِرِ الْأَقَارِبِ فَلَمَّا كَانَ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ لِقَرَابَةِ الْوِلَادِ كَانَ الْوَارِثُ وَغَيْرُ الْوَارِثِ سَوَاءً وَكَذَا الْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ سَوَاءً أَلَا تَرَى إلَى مَا قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ قَذَفَ مَيِّتًا وَجَبَ الْحَدُّ عَلَى الْقَاذِفِ وَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ أَنْ يُخَاصِمُوا سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ أَوْ الْوَالِدُ وَارِثًا أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ فَلِلْبَاقِينَ أَنْ يُخَاصِمُوا لِأَنَّ النَّقِيصَةَ تَلْحَقُ بِهِمْ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ) يَعْنِي وَمِنْهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مَا اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ مُرَابَحَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ، كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ اهـ (قَوْلُهُ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ) يَعْنِي إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ مَيِّتًا بِأَنْ وَقَعَ بَعْدَ مَوْتِ الْمَقْذُوفِ لِأَنَّهُ لَا يُورَثُ وَلَا يُطَالِبُ بِهِ الِابْنُ فِي حَالِ حَيَاةِ الْمَقْذُوفِ اهـ (قَوْلُهُ بِأَنْ قَذَفَ نَفْسَهُ) أَيْ بِأَنْ قَذَفَ إنْسَانٌ نَفْسَ الِابْنِ الْكَافِرِ أَوْ الِابْنِ الْعَبْدِ لَا يَجِبُ الْحَدُّ لِعَدَمِ الْإِحْصَانِ لِكُفْرِهِ أَوْ رِقِّهِ. اهـ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْكَفَاءَةِ) قَالَ الْكَمَالُ وَأَمَّا حَقُّ خُصُومَةِ الْكَفَاءَةِ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْأَقْرَبِ بِالْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْإِنْكَاحُ إلَى الْعَصَبَاتِ» فَعُلِمَ تَرَتُّبُهُمْ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْمَ يُشْعِرُ بِهِ حَيْثُ عُلِمَ أَنَّ حُكْمَهُ ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا يَثْبُتُ لِغَيْرِهِ فِيهِ حَقٌّ مَعَ وُجُودِهِ) قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَكِنَّ لُحُوقَهُ لَهُمَا بِوَاسِطَةِ لُحُوقِهِ لِلْمَقْذُوفِ بِالذَّاتِ فَهُوَ الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ فَهُوَ الْأَصْلُ فِي الْخُصُومَةِ لِأَنَّ الْعَارَ يَلْحَقُهُ مَقْصُودًا فَلَا يُطَالِبُ الْغَيْرُ بِمُوجِبِهِ إلَّا عِنْدَ الْيَأْسِ عَنْ مُطَالَبَتِهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ مَيِّتًا فَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَقْذُوفُ غَائِبًا لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِهِ وَلَا لِوَالِدِهِ الْمُطَالَبَةُ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي لَيْلَى وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُصَدِّقَهُ الْغَائِبُ وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ حَقَّ الْمُطَالَبَةِ يَثْبُتُ لِلْأَبِ وَإِنْ عَلَا ذَكَرَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ رَجُلٌ قَذَفَ مَيِّتًا فَلِوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ أَنْ يَأْخُذَ الْقَاذِفَ وَيَحُدَّهُ وَوَلَدُ الِابْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>