(وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ بِلَا تَسْمِيَةٍ وَلَا الثَّمَرُ فِي بَيْعِ الشَّجَرِ إلَّا بِالشَّرْطِ) لِأَنَّهُمَا مُتَّصِلَانِ بِهِمَا لِلْفَصْلِ فَصَارَ كَالْمَتَاعِ الْمَوْضُوعِ فِيهِمَا وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ فَالثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْحَمْلُ حَيْثُ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا وَإِنْ كَانَ لِلْفَصْلِ؛ لِأَنَّهُ جُزْءُ الْجَارِيَةِ فَيَكُونُ تَبَعًا لَهَا وَلِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى فَصْلِهِ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى فَلَا يُعْتَبَرُ مُنْفَصِلًا فِي تَأَوُّلِ الْحَالِ مَعَ وُجُودِ الْجُزْئِيَّةِ فِي الْحَالِ قَالَ (وَيُقَالُ لِلْبَائِعِ: اقْطَعْهَا وَسَلِّمْ الْمَبِيعَ) لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي مَشْغُولٌ بِمِلْكِ الْبَائِعِ فَكَانَ عَلَيْهِ تَفْرِيغُهُ وَتَسْلِيمُهُ كَمَا إذَا كَانَ فِيهِ مَتَاعٌ مَوْضُوعٌ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُتْرَكُ حَتَّى يَظْهَرَ صَلَاحُ الثَّمَرِ وَيُسْتَحْصَدُ الزَّرْعُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ التَّسْلِيمُ الْمُعْتَادُ وَفِي الْعَادَةِ لَا يُقْطَعُ كَذَلِكَ فَصَارَ كَمَا إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَفِي الْأَرْضِ زَرْعٌ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا بَيَّنَّا وَفِي الْإِجَارَةِ التَّسْلِيمُ وَاجِبٌ أَيْضًا حَتَّى يُتْرَكَ بِأَجْرٍ وَتَسْلِيمُ الْعِوَضِ كَتَسْلِيمِ الْمُعَوَّضِ، وَإِنَّمَا لَا يُقْلَعُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لِلِانْتِفَاعِ وَذَلِكَ بِالتَّرْكِ دُونَ الْقَلْعِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ فَلَا يُرَاعَى فِيهِ إمْكَانُ الِانْتِفَاعِ.
أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا لَا يَكُونُ لَهُ الطَّرِيقُ إلَّا بِالشَّرْطِ وَفِي الْإِجَارَةِ يَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لِمَا ذَكَرْنَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ لِلثَّمَرِ أَوْ الزَّرْعِ قِيمَةٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا قِيمَةٌ فِي الصَّحِيحِ وَتَكُونُ فِي الْحَالَيْنِ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُمَا مُنْفَرِدًا يَجُوزُ فِي الْحَالَيْنِ وَفِي الْأَصَحِّ فَكَذَا لَا يَدْخُلَانِ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ تَبَعًا، وَأَمَّا إذَا بَذَرَ فِي الْأَرْضِ وَلَمْ يَنْبُتْ حَتَّى بَاعَ الْأَرْضَ فَلَا يَدْخُلُ؛ لِأَنَّهُ مُودَعٌ فِيهَا فَصَارَ كَالْمَتَاعِ الْمَوْضُوعِ فِيهَا وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ بِذِكْرِ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْهَا وَلَوْ قَالَ بِعْتُكهَا بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ لَهَا أَوْ فِيهَا أَوْ مِنْهَا أَوْ مِنْ حُقُوقِهَا أَوْ مِنْ مَرَافِقِهَا لَا يَدْخُلَانِ لِمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ حُقُوقِهَا أَوْ مِنْ مَرَافِقِهَا دَخَلَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الَّذِي لَهُ فِيهَا أَوْ مِنْهَا لِلِاتِّصَالِ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الثَّمَرِ الْمَجْذُوذِ أَوْ الزَّرْعِ الْمَحْصُودِ حَيْثُ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ لِلِانْفِصَالِ فِي الْحَالِ وَوَرَقُ التُّوتِ وَالْآسِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْدِ بِمَنْزِلَةِ الثِّمَارِ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَحْكَامِ، وَأَشْجَارُهَا بِمَنْزِلَةِ النَّخْلِ وَعَكْسُ الثِّمَارِ فِي الْحُكْمِ الشِّرْبُ وَالطَّرِيقُ فَكُلُّ مَوْضِعٍ يَدْخُلُ فِيهِ الثِّمَارُ وَالزَّرْعُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الطَّرِيقُ وَالشِّرْبُ وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَا يَدْخُلَانِ فِيهِ يَدْخُلُ فِيهِ الشِّرْبُ وَالطَّرِيقُ؛ لِأَنَّ الشِّرْبَ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ) قَالَ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ الزَّرْعُ يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ وَالْإِقْرَارِ وَالْفَيْءِ بِغَيْرِ ذِكْرٍ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَالْقِسْمَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ وَالْوَقْفِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَفِي الْقَضَاءِ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ اهـ نَقْلًا عَنْ رُكْنِ الدِّينِ الصَّبَّاغِيِّ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى وَالْقُطْنُ كَالزَّرْعِ لَا يَدْخُلُ، وَأَمَّا أَصْلُ الْقُطْنِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ أَمَّا الْكُرَّاثُ إذَا كَانَ ظَاهِرًا فَلَا يَدْخُلُ وَمَا كَانَ مُغَيَّبًا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَدْخُلُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا الثَّمَرُ فِي بَيْعِ الشَّجَرِ إلَّا بِالشَّرْطِ) قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ كَانَ عَلَى الشَّجَرِ ثِمَارٌ فَشَرَطَهُ الْمُشْتَرِي لَهُ فَأَكَلَهُ الْبَائِعُ سَقَطَتْ حِصَّتُهَا مِنْ الثَّمَنِ ثُمَّ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فِي الصَّحِيحِ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى شَاةً بِعَشَرَةٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي خَمْسَةً فَأَكَلَهُ الْبَائِعُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَلْزَمُهُ الشَّاةُ وَلَا خِيَارَ لَهُ وَالْفَرْقُ غَيْرُ خَافٍ اهـ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُمَا مُتَّصِلَانِ بِهِمَا لِلْفَصْلِ) أَيْ لِفَصْلِ الْآدَمِيِّ إيَّاهُ لِانْتِفَاعِهِ بِهِ فَانْدَفَعَ مَا أُورِدَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْعِ الْجَارِيَةِ الْحَامِلِ وَنَحْوِ الْبَقَرِ الْحَامِلِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ حَمْلُهَا فِي الْبَيْعِ مَعَ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ لِلْفَصْلِ بِأَنَّ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا الْمَعْنَى مُتَبَادَرٌ فَتَرَكَ التَّقْيِيدَ بِهِ وَأَيْضًا الْأُمُّ وَمَا فِي بَطْنِهَا مُجَانِسٌ مُتَّصِلٌ فَيَدْخُلُ بِاعْتِبَارِ الْجُزْئِيَّةِ بِخِلَافِ الزَّرْعِ لَيْسَ مُجَانِسًا لِلْأَرْضِ فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْجُزْئِيَّةِ لِيَدْخُلَ بِذِكْرِ الْأَصْلِ. اهـ. فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ جُزْءُ الْجَارِيَةِ) أَيْ حُكْمًا وَحَقِيقَةً أَمَّا حُكْمًا فَإِنَّهُ يُعْتَقُ بِعِتْقِ الْأُمِّ، وَأَمَّا حَقِيقَةً فَإِنَّهُ يَتَغَذَّى بِغِذَاءِ الْأُمِّ وَيَنْتَقِلُ بِانْتِقَالِهَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ لِلثَّمَرِ إلَخْ) يَتَّصِلُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ وَلَا تَسْمِيَةَ وَلَا الثَّمَرَ فِي بَيْعِ الشَّجَرِ إلَّا بِالشَّرْطِ. اهـ. اُنْظُرْ إلَى الْحَاشِيَةِ الَّتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَعَكْسُ الثِّمَارِ فِي الْحُكْمِ اهـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إلَخْ مَا نَصُّهُ، وَقَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إنَّمَا يَجُوزُ بَعْدَ الطُّلُوعِ إذَا كَانَ الثَّمَرُ بِحَالٍ يُنْتَفَعُ بِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَإِذَا كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنَّ هَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فِي بَابِ الْعُشْرِ لَوْ بَاعَ الثِّمَارَ فِي أَوَّلِ مَا تَطْلُعُ وَتَرَكَهَا بِإِذْنِ الْبَائِعِ حَتَّى أَدْرَكَ فَالْعُشْرُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الشِّرَاءُ جَائِزًا حِينَ طَلَعَ لَمَا وَجَبَ عُشْرُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَى هُنَا لَفْظُ رِوَايَةِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَدْخُلُ) أَيْ إنَّمَا لَا يَدْخُلُ قَبْلَ النَّبَاتِ وَبَعْدَ التَّقَوُّمِ أَمَّا إذَا نَبَتَ وَلَمْ يَصِرْ مُتَقَوِّمًا يَدْخُلُ قِيلَ، وَكَذَا الْبَذْرُ الْعَفَنُ. اهـ. مُجْتَبَى.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مُودَعٌ فِيهَا) أَيْ وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْمَشَايِخِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ: الْمَجْذُوذِ) تَجُوزُ رِوَايَتُهُ بِدَالَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ أَوْ مُعْجَمَتَيْنِ وَكِلَاهُمَا بِمَعْنًى وَهُوَ الْمَقْطُوعُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَوْلَى مِنْ حَيْثُ اللَّفْظِ لِتَنَاسُبٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَحْصُودِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ: وَعَكْسُ الثِّمَارِ فِي الْحُكْمِ الشِّرْبُ وَالطَّرِيقُ) قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوِيهِ رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا أَوْ دَارًا لَا يَدْخُلُ الشِّرْبُ وَالطَّرِيقُ إلَّا بِذِكْرِ الْحُقُوقِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْحُقُوقِ فَلَا يَدْخُلَانِ إلَّا بِذِكْرِ الْحُقُوقِ، وَكَذَا فِي الْإِقْرَارِ وَالْوَصِيَّةِ وَالصُّلْحِ وَغَيْرِهِ وَيَدْخُلَانِ فِي الْإِجَارَةِ وَالْقِسْمَةِ وَالرَّهْنِ وَالصَّدَقَةِ الْمَوْقُوفَةِ، وَقَالَ فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى وَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ وَيَقُولَ ظَنَنْت أَنَّ لِي مِفْتَحًا إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ وَفِيهِمَا رَجُلٌ بَاعَ دَارًا وَكَانَ لَهَا طَرِيقٌ قَدْ سَدَّهُ صَاحِبُهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَجَعَلَ لَهَا طَرِيقًا غَيْرَ ذَلِكَ ثُمَّ بَاعَهَا بِحُقُوقِهَا لَا يَكُونُ لَهُ الطَّرِيقُ الْأَوَّلُ وَلَهُ الطَّرِيقُ الثَّانِي. اهـ. أَتْقَانِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.