وَالطَّرِيقَ لَيْسَا مِنْهَا وَلَا فِيهَا لَكِنَّهُمَا مِنْ حُقُوقِهَا وَالثَّمَرُ وَالزَّرْعُ مَوْجُودَانِ فِيهَا وَهُمَا مِنْهَا وَلَيْسَا مِنْ حُقُوقِهَا فَتَعَاكَسَا.
قَالَ (وَمَنْ بَاعَ ثَمَرَةً بَدَا صَلَاحُهَا أَوْ لَا صَحَّ) لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ فِي الْحَالِ أَوْ فِي الْمَالِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مُنْتَفَعًا بِهِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ بَيْعُ الزَّرْعِ قَبْلَ أَنْ تَتَنَاوَلَهُ الْمَشَافِرُ وَالْمَنَاجِلُ وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُ مُنْتَفَعٌ بِهِ فِي الْمَالِ فَصَارَ كَالْأَطْفَالِ وَالْجَحْشِ قَالَ (وَيَقْطَعُهَا الْمُشْتَرِي) تَفْرِيغًا لِمِلْكِ الْبَائِعِ هَذَا إذَا اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ الْقَطْعِ قَالَ (وَإِنْ شَرَطَ تَرْكَهَا عَلَى النَّخْلِ فَسَدَ) أَيْ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَهُوَ شُغْلُ مِلْكِ الْغَيْرِ أَوْ نَقُولُ إنَّهُ صَفْقَةٌ فِي صَفْقَةٍ؛ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ فِي بَيْعٍ إنْ كَانَ لِلْمَنْفَعَةِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ إعَارَةٌ فِي بَيْعٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ وَقَدْ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَفْقَةٍ فِي صَفْقَةٍ»، وَكَذَا بَيْعُ الزَّرْعِ بِشَرْطِ التَّرْكِ لِمَا بَيَّنَّا، وَكَذَا إذَا تَنَاهَى عِظَمُهَا عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَفْسُدُ اسْتَحْسَنَهُ لِلْعَادَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهَا؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِ الْجُزْءُ الْمَعْدُومُ وَهُوَ مَا يُزَادُ لِمَعْنًى فِي الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ وَلَوْ اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا وَتَرَكَهَا بِإِذْنِ الْبَائِعِ طَابَ لَهُ الْفَضْلُ وَإِنْ تَرَكَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ تَصَدَّقَ بِمَا زَادَ فِي ذَاتِهِ لِحُصُولِهِ بِجِهَةٍ مَحْظُورَةٍ.
وَإِنْ تَرَكَهَا بَعْدَمَا تَنَاهَى عِظَمُهَا لَمْ يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ هَذَا تَغَيُّرُ أَحْوَالٍ فَإِنَّ الشَّمْسَ تُنْضِجُهُ وَيَأْخُذُ اللَّوْنَ مِنْ الْقَمَرِ وَالطَّعْمَ مِنْ الْكَوَاكِبِ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا ثُمَّ اسْتَأْجَرَ النَّخْلَ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ فَتَرَكَهَا طَابَ لَهُ الْفَضْلُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَاطِلَةٌ لِعَدَمِ التَّعَارُفِ وَالْحَاجَةِ فَبَقِيَ الْإِذْنُ مُعْتَبَرًا بِمُجَرَّدِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى الزَّرْعَ وَاسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ إلَى أَنْ يُدْرِكَ وَتَرَكَهُ حَيْثُ لَا يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى الثَّمَنِ وَعَلَى مَا غَرِمَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ لِلْجَهَالَةِ فَأَوْرَثَتْ خَبَثًا وَلَوْ اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا فَأَثْمَرَتْ ثَمَرًا آخَرَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَسَدَ الْبَيْعُ لِعَجْزِهِ عَنْ التَّسْلِيمِ وَلَوْ أَثْمَرَ بَعْدَ الْقَبْضِ يَشْتَرِكَانِ فِيهِ لِلِاخْتِلَاطِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي مِقْدَارِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ، وَكَذَا فِي الْبَاذِنْجَانِ وَالْبِطِّيخِ، وَالْمُخَلَّصُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْأُصُولَ لِتَحْصُلَ الزِّيَادَةُ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ يَبِيعَ الْأُصُولَ بَعْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ مِنْ الْبَائِعِ إنْ شَاءَ وَقِيلَ: الْمُخَلَّصُ فِيهِ أَنْ يَشْتَرِيَ الثِّمَارَ الْمَوْجُودَةَ وَالْمَعْدُومَةَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ إذَا كَانَ الْمَوْجُودُ أَكْثَرَ فَحَاصِلُهُ أَنَّ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَ صُوَرٍ: أَحَدُهَا - إذَا خَرَجَ الثَّمَرُ كُلُّهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالِاتِّفَاقِ وَحُكْمُهُ مَا مَضَى.
ثَانِيهَا - أَنْ لَا يَخْرُجَ شَيْءٌ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ اتِّفَاقًا ثَالِثُهَا أَنْ يَخْرُجَ بَعْضُهَا دُونَ الْبَعْضِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: يَجُوزُ إذَا كَانَ الْخَارِجُ أَكْثَرَ وَيُجْعَلُ الْمَعْدُومُ تَبَعًا لِلْمَوْجُودِ اسْتِحْسَانًا لِتَعَامُلِ النَّاسِ وَلِلضَّرُورَةِ وَكَانَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْبُخَارِيُّ يُفْتِيَانِ بِهِ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَصِيرَ إلَى مِثْلِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ هُنَا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَ الْأُصُولَ عَلَى مَا بَيَّنَّا أَوْ يَشْتَرِيَ الْمَوْجُودَ بِبَعْضِ الثَّمَنِ وَيُؤَخِّرَ الْعَقْدَ فِي الْبَاقِي إلَى وَقْتِ وُجُودِهِ أَوْ يَشْتَرِيَ الْمَوْجُودَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَيُبِيحَ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِمَا يَحْدُثُ مِنْهُ فَيَحْصُلُ مَقْصُودُهُمَا بِهَذَا الطَّرِيقِ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى تَجْوِيزِ الْعَقْدِ فِي الْمَعْدُومِ مُصَادِمًا لِلنَّصِّ وَهُوَ مَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ وَرَخَّصَ فِي السَّلَمِ».
قَالَ (وَلَوْ اسْتَثْنَى مِنْهَا أَرْطَالًا مَعْلُومَةً صَحَّ كَبَيْعِ بُرٍّ فِي سُنْبُلِهِ وَبَاقِلَّى فِي قِشْرِهِ) أَيْ لَوْ اسْتَثْنَى مِنْ الثِّمَارِ الْمَبِيعَةِ الْمَجْذُوذَةَ أَوْ غَيْرَ الْمَجْذُوذَةِ جَازَ الْبَيْعُ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ الْبُرِّ فِي سُنْبُلِهِ وَالْبَاقِلَّا فِي قِشْرِهِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْمَبِيعَ صَارَ مَعْلُومًا بِالْإِشَارَةِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَمَنْ بَاعَ ثَمَرَةً بَدَا صَلَاحُهَا) أَيْ وَبُدُوُّ صَلَاحِهَا عِنْدَنَا أَنْ تَأْمَنَ الْعَاهَةَ وَالْفَسَادَ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ هُوَ ظُهُورُ النُّضْجِ وَبُدُوُّ الْحَلَاوَةِ وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي بَيْعِهَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ عَلَى الْخِلَافِ فِي مَعْنَاهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَطْعُ. اهـ. فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: فِي الْحَالِ) لَفْظَةُ فِي الْحَالِ لَيْسَتْ فِي خَطِّ الشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا) هَذَا إذَا لَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهَا بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ تَرَكَهَا بَعْدَمَا تَنَاهَى عِظَمُهَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ: لِحُصُولِهِ بِجِهَةٍ مَحْظُورَةٍ) أَيْ مِنْ أَصْلٍ مَمْلُوكٍ لِغَيْرِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَكَهَا بَعْدَمَا تَنَاهَى عِظَمُهَا لَمْ يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّرْكُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ الِازْدِيَادُ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ لَا كَيْلًا وَلَا وَزْنًا، وَإِنَّمَا تَغَيَّرَ حَالُ الْمَبِيعِ مِنْ حَيْثُ النُّضْجِ اهـ أَتْقَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّ الشَّمْسَ) الَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ بِأَنَّ الشَّمْسَ. اهـ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ لِلْجَهَالَةِ إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِذْنِ الثَّابِتِ فِي ضِمْنِ الْإِجَارَةِ الْبَاطِلَةِ وَبَيْنَهُ فِي ضِمْنِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أَنَّ الْإِذْنَ فِي الْإِجَارَةِ الْبَاطِلَةِ صَارَ أَصْلًا مَقْصُودًا بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْبَاطِلَ لَا وُجُودَ لَهُ وَالْمَعْدُومُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُتَضَمَّنًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ فَائِتُ الْوَصْفِ دُونَ الْأَصْلِ فَلَمْ يَكُنْ مَعْدُومًا وَبِأَصْلِهِ فَصَحَّ أَنْ يَكُونَ مُتَضَمَّنًا فَإِذَا فَسَدَ الْمُتَضَمَّنُ فَسَدَ الْمُتَضَمِّنُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ:، وَكَذَا فِي الْبَاذِنْجَانِ وَالْبِطِّيخِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَأَمَّا مَا يُوجَدُ مِنْ الزَّرْعِ بَعْضُهُ بَعْدَ وُجُودِ بَعْضٍ كَالْبَاذِنْجَانِ وَالْبِطِّيخِ وَالْكُرَّاثِ وَنَحْوِهَا قَالَ أَصْحَابُنَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَمْ يَظْهَرْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُخَلِّصُ) أَيْ مِنْ فَسَادِ الْبَيْعِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنْ يَشْتَرِيَ الْأُصُولَ) أَيْ وَيَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ وَيُقَدِّمَ الشِّرَاءَ عَلَى الْإِجَارَةِ فَإِنْ قَدَّمَ الْإِجَارَةَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَكُونُ مَشْغُولَةً بِمِلْكِ الْآجِرِ اهـ فُصُولٌ (قَوْلُهُ: جَازَ الْبَيْعُ) قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَّا أَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ أَقْيَسُ بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ صُبْرَةِ طَعَامِ كُلِّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ فَإِنَّهُ أَفْسَدَ الْبَيْعَ بِجَهَالَةِ قَدْرِ الْمَبِيعِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَهُوَ لَازِمٌ فِي اسْتِثْنَاءِ أَرْطَالٍ مَعْلُومَةٍ مِمَّا عَلَى الْأَشْجَارِ وَإِنْ لَمْ يُفْضِ إلَى الْمُنَازَعَةِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ جَهَالَةٍ مُفْضِيَةٌ إلَى الْمُنَازَعَةِ مُبْطِلَةٌ فَلَيْسَ يَلْزَمُ أَنَّ مَا لَمْ يُفْضِ إلَيْهَا يَصِحُّ مَعَهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ عَدَمِ الْمُفْضِيَةِ إلَى الْمُنَازَعَةِ فِي الصِّحَّةِ مِنْ كَوْنِ الْمَبِيعِ عَلَى حُدُودِ الشَّرْعِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ قَدْ يَتَرَاضَيَانِ عَلَى شَرْطٍ