للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْرِفَتِهِ عُرْفُ أَهْلِهِ قَالَ (كَالْإِبَاقِ وَالْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ وَالسَّرِقَةِ؛ لِأَنَّهَا تُوجِبُ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ عِنْدَهُمْ) ثُمَّ إذَا وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ صَغِيرٍ غَيْرِ مُمَيِّزٍ لَا يَكُونُ عَيْبًا، وَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا يَكُونُ عَيْبًا وَيَزُولُ بِالْبُلُوغِ فَإِنْ عَاوَدَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ يَكُونُ عَيْبًا حَادِثًا غَيْرَ الْأَوَّلِ لِزَوَالِ الْأَوَّلِ بِالْبُلُوغِ فَيَكُونَانِ مُخْتَلِفَيْنِ لِاخْتِلَافِ سَبَبِهِمَا فَإِنَّ الْبَوْلَ قَبْلَ الْبُلُوغِ لِضَعْفٍ فِي الْمَثَانَةِ وَبَعْدَهُ لِدَاءٍ فِي الْبَاطِنِ وَالْإِبَاقَ قَبْلَ الْبُلُوغِ لِحُبِّ اللَّعِبِ وَالسَّرِقَةَ قَبْلَ الْبُلُوغِ لِقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ وَهُمَا بَعْدَهُ لِخُبْثٍ فِي الْبَاطِنِ حَتَّى لَوْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْهَا عِنْدَ الْبَائِعِ قَبْلَ الْبُلُوغِ ثُمَّ وُجِدَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْبُلُوغِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ لِزَوَالِ الْأَوَّلِ بِالْبُلُوغِ وَلَوْ وُجِدَ عِنْدَ الْبَائِعِ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَوُجِدَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَيْضًا قَبْلَ الْبُلُوغِ يَرُدُّهُ بِهِ مَا لَمْ يَبْلُغْ لِاتِّحَادِ السَّبَبِ، وَكَذَا إذَا وُجِدَ عِنْدَ الْبَائِعِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَعِنْدَ الْمُشْتَرِي أَيْضًا بَعْدَ الْبُلُوغِ يَرُدُّهُ لِمَا ذَكَرْنَا وَالسَّرِقَةُ لَا تَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمَوْلَى أَوْ مِنْ غَيْرِهِ إلَّا إذَا سَرَقَ مِنْ الْمَوْلَى شَيْئًا لِلْأَكْلِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَيْبًا فَإِنَّ التَّقْصِيرَ جَاءَ مِنْ قِبَلِ الْمَوْلَى حَيْثُ أَحْوَجَهُ إلَيْهِ.

وَإِنْ سَرَقَ طَعَامًا مِنْ الْمَوْلَى لِيَبِيعَهُ يَكُونُ عَيْبًا؛ لِأَنَّهُ يَأْتَمِنُهُ فِي حِفْظِ مَالِهِ وَلَوْ سَرَقَ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ نَحْوَ الْفَلْسِ وَالْفَلْسَيْنِ لَا يَكُونُ عَيْبًا وَلَوْ نَقَّبَ الْبَيْتَ يَكُونُ عَيْبًا، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ وَفِي الْإِبَاقِ إذَا خَرَجَ مِنْ الْبَلَدِ يَكُونُ عَيْبًا بِالِاتِّفَاقِ إنْ أَبَقَ مِنْ الْمَوْلَى أَوْ مِنْ رَجُلٍ كَانَ عِنْدَهُ بِإِجَارَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَبَقَ مِنْ الْغَاصِبِ إلَى الْمَوْلَى أَوْ إلَى غَيْرِهِ إنْ لَمْ يَعْرِفْ مَنْزِلَهُ أَوْ لَمْ يَقْوَ عَلَى الرُّجُوعِ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالْأَشْبَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَتْ الْبَلْدَةُ كَبِيرَةً مِثْلُ الْقَاهِرَةِ يَكُونُ عَيْبًا، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَهْلُهَا وَبُيُوتُهَا لَا يَكُونُ عَيْبًا قَالَ (وَالْجُنُونُ) لِمَا ذَكَرْنَا وَهُوَ فَسَادٌ فِي الْبَاطِنِ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ مَعْدِنُهُ الْقَلْبُ وَشُعَاعُهُ فِي الدِّمَاغِ وَالْجُنُونُ انْقِطَاعُ ذَلِكَ الشُّعَاعِ وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ السِّنِّ حَتَّى لَوْ وُجِدَ عِنْدَ الْبَائِعِ فِي صِغَرِهِ وَعَاوَدَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْكِبَرِ يَرُدُّهُ؛ لِأَنَّهُ غَبَنَ ذَلِكَ الْأَوَّلَ وَقِيلَ: لَا تُشْتَرَطُ الْمُعَاوَدَةُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَلْ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ بِهِ جُنُونٌ عِنْدَ الْبَائِعِ يَرُدُّهُ، وَإِنْ لَمْ يُعَاوِدْهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ قَلَّمَا يَزُولُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَرُدُّهُ حَتَّى يُعَاوِدَهُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى إزَالَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُعَاوَدَةِ وَمِقْدَارُهُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَمَا دُونَهُ لَا يَكُونُ عَيْبًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْمُطْبِقُ عَيْبٌ وَمَا دُونَهُ لَا يَكُونُ عَيْبًا.

قَالَ (وَالْبَخَرُ وَالدَّفَرُ وَالزِّنَا وَوَلَدُهُ فِي الْجَارِيَةِ) يَعْنِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ تَكُونُ عَيْبًا فِي الْجَارِيَةِ دُونَ الْغُلَامِ؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ مِنْهَا وَهُوَ الِافْتِرَاشُ وَطَلَبُ الْوَلَدِ لَا فِي الْغُلَامِ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ الِاسْتِخْدَامُ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَا تُخِلُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَخْدِمُهُ مِنْ بَعْدُ وَكَوْنُهُ أَدْفَرَ أَوْ أَبْخَرَ أَوْ زَانِيًا أَوْ وَلَدَ زِنًا لَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَاحِشًا بِحَيْثُ يَمْنَعُ الْقُرْبَ مِنْ الْمَوْلَى أَوْ يَكُونُ الزِّنَا عَادَةً لَهُ؛ لِأَنَّ الْفَاحِشَ مِنْ الْبَخَرِ وَالدَّفَرِ يَكُونُ مِنْ دَاءٍ وَهُوَ عَيْبٌ وَاتِّبَاعُ النِّسَاءِ يَشْغَلُهُ عَنْ الْخِدْمَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَتَكَرَّرَ مِنْهُ الزِّنَا أَكْثَرَ مِنْ مَرَّتَيْنِ وَالْعُيُوبُ كُلُّهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ الْمُعَاوَدَةِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَرُدَّ إلَّا الزِّنَا فِي الْجَارِيَةِ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْأَمَالِي لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بَالِغَةً وَقَدْ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

( قَوْلُهُ: ثُمَّ إذَا وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ صَغِيرٍ غَيْرِ مُمَيِّزٍ لَا يَكُونُ عَيْبًا) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الِامْتِنَاعَ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْبَوْلَ قَبْلَ الْبُلُوغِ لِضَعْفٍ فِي الْمَثَانَةِ) وَالضَّعْفُ قَبْلَ الْبُلُوغِ شَامِلٌ فِي الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا ثُمَّ عِنْدَ الْبُلُوغِ تَكْمُلُ أَعْضَاؤُهُ وَيَشْتَدُّ فَكَذَا هَذَا فَإِذَا بَلَغَ وَمَعَ هَذَا بَالَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لِمَعْنًى آخَرَ سِوَى ذَلِكَ الضَّعْفِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ ثُبُوتُ ضَعْفٍ فِي الْمَثَانَةِ بِسَبَبٍ آخَرَ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ عَيْبًا لَازِمًا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لِاتِّحَادِ السَّبَبِ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اتَّفَقَ الْحَالَانِ عُلِمَ أَنَّ السَّبَبَ وَاحِدٌ فَيَكُونُ هَذَا الْعَيْبُ ثَابِتًا عِنْدَ الْبَائِعِ فَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ فَلَا يُعْرَفُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَزُولَ الَّذِي كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ ثُمَّ حَدَثَ النَّوْعُ الْآخَرُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ كَالْعَبْدِ إذَا حُمَّ عِنْدَ الْبَائِعِ ثُمَّ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ هَذَا الثَّانِي غَيْرَ ذَلِكَ النَّوْعِ لَا يَثْبُتُ حَقُّ الرَّدِّ وَإِنْ كَانَ مِنْ نَوْعِهِ يَثْبُتُ حَقُّ الرَّدِّ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ نَقْلًا عَنْ التُّحْفَةِ مَعَ بَعْضِ تَغْيِيرٍ اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَالْجُنُونِ) وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ الْبَلْخِيّ أَنَّ الْجُنُونَ أَيْضًا بِمَنْزِلَةِ الْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ وَالْإِبَاقِ وَالسَّرِقَةِ فَلَا يُمْكِنُ الْمُشْتَرِيَ أَنْ يَرُدَّ بِالْجُنُونِ إذَا جُنَّ عِنْدَهُ فِي حَالَةِ الْكِبَرِ إذَا كَانَ الْجُنُونُ عِنْدَ الْبَائِعِ فِي حَالَةِ الصِّغَرِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ حَقُّ الرَّدِّ إذَا كَانَ الْجُنُونُ عِنْدَ الْبَائِعِ فِي حَالَةِ الْكِبَرِ أَيْضًا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ سَبَبَهُ فِي الصِّغَرِ الضَّعْفُ الشَّامِلُ عَلَى الْأَعْضَاءِ وَهُوَ يَزُولُ بِالْكِبَرِ كَمَا فِي ضَعْفِ الْمَثَانَةِ وَفِي حَالَةِ الْكِبَرِ لِفَسَادٍ اخْتَصَّ بِهِ مَحَلُّ الْعَقْلِ وَالصَّحِيحُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ؛ لِأَنَّ ضَعْفَ الدِّمَاغِ لَا يُوجِبُ الْجُنُونَ بَلْ يُوجَدُ فِيهِ مِنْ الْعَقْلِ بِقَدْرِهِ، وَلِهَذَا يَظْهَرُ آثَارُ الْعَقْلِ فِي الصِّغَارِ ثُمَّ يَزْدَادُ ذَلِكَ بِزِيَادَةِ قُوَّتِهِ فَكَانَ الْجُنُونُ ثَابِتًا لِفَسَادٍ فِيهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَعَاوَدَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْكِبَرِ يَرُدُّهُ) أَيْ بِخِلَافِ الْإِبَاقِ وَنَظَائِرُهُ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ حَقُّ الْمُعَاوَدَةِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَلْ إذَا أَثْبَتَ أَنَّهُ كَانَ بِهِ جُنُونٌ عِنْدَ الْبَائِعِ يَرُدُّهُ اهـ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ غَبَنَ ذَلِكَ الْأَوَّلَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْجُنُونَ لَا يَكُونُ إلَّا لِفَسَادٍ فِي مَحَلِّ الْعَقْلِ وَهُوَ الدِّمَاغُ فَفِي أَيِّ وَقْتٍ ظَهَرَ فَهُوَ بِذَلِكَ السَّبَبِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَالْبَخَرِ وَالدَّفَرِ) الْبَخَرُ رَائِحَةٌ مُتَغَيِّرَةٌ مِنْ الْفَمِ وَكُلُّ رَائِحَةٍ سَاطِعَةٍ فَهِيَ بَخَرٌ مَأْخُوذٌ مِنْ بُخَارِ الْقِدْرِ أَوْ بُخَارُ الدُّخَانِ وَهَذَا الْبَخُورُ الَّذِي يَتَبَخَّرُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْجَمْهَرَةِ وَالدَّفَرُ نَتِنُ رِيحِ الْإِبِطِ قَالَ فِي الْجَمْهَرَةِ الدَّفَرُ النَّتِنُ رَجُلٌ أَدْفَرُ وَامْرَأَةٌ دَفْرَاءُ وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ يَا دَفَارُ مَعْدُولٌ وَقَدْ شَمَمْت دَفَرَ الشَّيْءِ وَدَفْرَهُ بِسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا، وَأَمَّا الذَّفَرُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فَهُوَ حِدَةٌ مِنْ طِيبٍ أَوْ نَتِنٍ وَرُبَّمَا خُصَّ بِهِ الطِّيبُ فَقِيلَ مِسْكٌ أَذْفَرُ كَذَا فِي الْجَمْهَرَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ قَالَ الْكَمَالُ قِيلَ: الرِّوَايَةُ هُنَا وَالسَّمَاعُ بِالدَّالِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: دُونَ الْغُلَامِ) فَإِنْ قِيلَ لَوْ وَجَدَهُ سَارِقًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُؤْتَمَنُ عَلَى الْخِزَانَةِ وَالْأَمْوَال فَإِذَا كَانَ زَانِيًا لِمَ لَا يَكُونُ عَيْبًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْتَمَنُ عَلَى الْجَوَارِي وَالْخَدَمِ قِيلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>