للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَتْ زَنَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا، وَإِنْ لَمْ تَزْنِ عِنْدَهُ لِلُحُوقِ الْعَارِ بِالْأَوْلَادِ وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً فَأَبَقَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ وَجَدَهَا وَاسْتَحَقَّهَا مُسْتَحِقٌّ بِبَيِّنَةٍ فَعَيْبُ الْإِبَاقِ لَازِمٌ لَهَا أَبَدًا وَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّ الْإِبَاقَ أَيْضًا لَا يُشْتَرَطُ مُعَاوَدَتُهُ فَعَلَى هَذَا يَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُعَاوِدْهَا عِنْدَهُ، وَكَذَا مَنْ اشْتَرَى مِنْهُ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ بِهِ مِنْ غَيْرِ مُعَاوَدَةٍ عِنْدَهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَهُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الزِّنَا فِي الْغُلَامِ عَيْبٌ كَالسَّرِقَةِ قُلْنَا لَا تَنْقُصُ قِيمَتُهُ بِالزِّنَا وَلَا يُعَدُّ عَيْبًا عَادَةً إلَّا إذَا كَثُرَ مِنْهُ بِخِلَافِ السَّرِقَةِ فَإِنَّ الْمَوْلَى يَشُقُّ عَلَيْهِ حِفْظُ مَالِهِ عَنْهُ، وَكَذَا حَدُّهُ أَعْظَمُ وَهُوَ قَطْعُ الْيَدِ مِنْ حَدِّ الزِّنَا وَهُوَ الْجَلْدُ قَالَ (وَالْكُفْرُ) يَعْنِي فِي الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ هُوَ عَيْبٌ؛ لِأَنَّ طَبْعَ الْمُسْلِمِ يَنْفِرُ عَنْ صُحْبَتِهِ لِلْعَدَاوَةِ الدِّينِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ إعْتَاقُهُ عَنْ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ فَتَخْتَلُّ الرَّغْبَةُ فِيهِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ كَافِرٌ فَوَجَدَهُ مُسْلِمًا لَا يَرُدُّهُ؛ لِأَنَّهُ زَالَ الْعَيْبُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَرُدُّهُ لِفَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ؛ لِأَنَّ اسْتِعْبَادَ الْكَافِرِ وَإِذْلَالَهُ مَطْلُوبُ الْمُسْلِمِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَاهُ قَالَ (وَعَدَمُ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ)؛ لِأَنَّ ارْتِفَاعَهُ وَاسْتِمْرَارَ الدَّمِ أَمَارَةُ الدَّاءِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ مُرَكَّبٌ فِي بَنَاتِ آدَمَ فَإِذَا لَمْ تَحِضْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لِدَاءٍ فِيهَا وَذَلِكَ الدَّاءُ هُوَ الْعَيْبُ، وَكَذَا الِاسْتِحَاضَةُ لِدَاءٍ فِيهَا وَلَا يُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِأَنَّهُ ارْتَفَعَ إلَّا إذَا ذَكَرَ سَبَبَهُ وَهُوَ الدَّاءُ أَوْ الْحَبَلُ فَمَا لَمْ يَذْكُرْ أَحَدَهُمَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيُعْتَبَرُ فِي الِارْتِفَاعِ أَقْصَى غَايَةِ الْبُلُوغِ وَهُوَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِقَوْلِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ غَيْرُهَا وَيُسْتَحْلَفُ الْبَائِعُ مَعَ ذَلِكَ إنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَتُرَدُّ بِنُكُولِهِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فَكَذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُرَدُّ بِلَا يَمِينِ الْبَائِعِ لِضَعْفِ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ حَتَّى يَمْلِكَ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ بِلَا قَضَاءٍ وَلَا رِضًا وَصَحَّ الْفَسْخُ لِلْعَقْدِ الضَّعِيفِ بِحُجَّةٍ ضَعِيفَةٍ، قَالُوا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَمَةِ فِيهِ ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي وَلَوْ ادَّعَى انْقِطَاعَهُ فِي مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَفِي الْمَدِيدَةِ تُسْمَعُ وَأَقَلُّهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

إذَا كُنَّ مَسْتُورَاتٍ يُمْكِنُهُنَّ حِفْظُ أَنْفُسِهِنَّ وَإِذَا شَغَلَهُ الْمَوْلَى بِالْعَمَلِ رُبَّمَا لَا يَتَفَرَّغُ لِذَلِكَ الْأَمْرِ فَلِذَلِكَ الْمَعْنَى لَا يَكُونُ عَيْبًا قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ نَقْلًا عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ اهـ.

(فَرْعٌ) النِّكَاحُ عَيْبٌ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ جَمِيعًا وَعَلَّلَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ فَرْجَ الْجَارِيَةِ عَلَيْهِ حَرَامٌ إذَا كَانَ لَهُ زَوْجٌ وَلِأَنَّ الْعَبْدَ يَلْزَمُ بِنَفَقَةِ الْمَرْأَةِ قَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَعِدَّةُ الْجَارِيَةِ عَنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ عَيْبٌ وَعَنْ الْبَائِنِ لَا إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً قَدْ وَلَدَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ لَا مِنْ الْبَائِعِ أَوْ عِنْدَ آخَرَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ وَقْتَ الْعَقْدِ هَلْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ فِيهِ رِوَايَتَانِ عَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الْبُيُوعِ لَا يَرُدُّ إذَا لَمْ يَكُنْ بِسَبَبِ الْوِلَادَةِ نُقْصَانٌ ظَاهِرٌ وَعَلَى رِوَايَةِ الْمُضَارَبَةِ يَرُدُّ؛ لِأَنَّ عَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ الْوِلَادَةُ عَيْبٌ لَازِمٌ؛ لِأَنَّ التَّكَسُّرَ الَّذِي يَحْصُلُ بِسَبَبِ الْوِلَادَةِ لَا يَزُولُ أَبَدًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى نَفْسُ الْوِلَادَةِ عَيْبٌ فِي بَنِي آدَمَ وَفِي الْبَهَائِمِ لَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(فَرْعٌ) وَالْعُسْرُ عَيْبٌ وَهُوَ الَّذِي يَعْمَلُ بِشِمَالِهِ وَلَا يَعْمَلُ بِيَمِينِهِ قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ نَقْلًا عَنْ الْأَجْنَاسِ اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَالْكُفْرُ) قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَإِذَا هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ أَوْ اشْتَرَى أَمَةً فَوَجَدَهَا كَذَلِكَ قَالَ كُلُّ هَذَا عَيْبٌ يَرِدُ مِنْهُ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ قَلَّمَا يَرْغَبُ فِي صُحْبَةِ الْكَافِرِ وَيَنْفِرُ عَنْهُ فَكَانَ الْكُفْرُ سَبَبًا لِنُقْصَانِ الثَّمَنِ لِفُتُورِ الرَّغْبَةِ فَكَانَ عَيْبًا وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ صَرْفُ الْكَافِرِ إلَى كَفَّارَةِ الْقَتْلِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى كَفَّارَةِ الْيَمِينِ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ فَاخْتَلَفَتْ الرَّغْبَةُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ: يَرُدُّهُ لِفَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ) أَيْ لِأَنَّ الْأَوْلَى بِالْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَعْبِدَ الْكَافِرَ وَكَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ يَسْتَعْبِدُونَ الْعُلُوجَ، وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ رَاجِعٌ إلَى الدِّيَانَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِهِ فِي الْمُعَامَلَاتِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِقَوْلِ الْأَمَةِ) قَالَ الْإِمَامُ الْعَتَّابِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَغَيْرُهُ إنَّمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ عِنْدَ الْمُنَازَعَةِ بِقَوْلِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ غَيْرَهَا وَيَحْلِفُ الْمَوْلَى مَعَ ذَلِكَ بِاَللَّهِ لَقَدْ سَلَّمَهَا بِحُكْمِ الْبَيْعِ وَمَا بِهَا هَذَا الْعَيْبُ وَإِنْ نَكَلَ تُرَدُّ بِنُكُولِهِ هَذَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ مَا بِهَا هَذَا الْعَيْبُ الَّذِي يَدَّعِيهِ الْمُشْتَرِي فِي الْحَالِ وَهَذَا عَلَى قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَكَارَةِ إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَيْسَتْ بِبِكْرٍ، وَقَالَ الْبَائِعُ: هِيَ بِكْرٌ فِي الْحَالِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُرِيهَا النِّسَاءَ فَإِنْ قُلْنَ هِيَ بِكْرٌ لَزِمَ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ يَمِينِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُنَّ تَأَيَّدَتْ بِمُؤَيِّدٍ وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْبَكَارَةُ، وَإِنْ قُلْنَا: هِيَ ثَيِّبٌ ثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ لِلْمُشْتَرِي بِشَهَادَتِهِنَّ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُنَّ ضَعِيفَةٌ وَحَقُّ الْفَسْخِ حَقٌّ قَوِيٌّ وَبِشَهَادَتِهِنَّ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي حَقُّ الْخُصُومَةِ فِي تَوْجِيهِ الْيَمِينِ عَلَى الْبَائِعِ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ بِاَللَّهِ لَقَدْ سَلَّمَهَا بِحُكْمِ الْبَيْعِ وَهِيَ بِكْرٌ إنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ بِاَللَّهِ أَنَّهَا بِكْرٌ وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهَا تُرَدُّ عَلَى الْبَائِعِ بِشَهَادَتِهِنَّ مِنْ غَيْرِ يَمِينِ الْبَائِعِ فَكَذَلِكَ هُنَا تُرَدُّ مِنْ غَيْرِ يَمِينِ الْبَائِعِ، وَقَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَجَدَهَا لَا تَحِيضُ لَا تُسْمَعُ مِنْهُ الْخُصُومَةُ مَا لَمْ يَدَّعِ ارْتِفَاعَ الْحَيْضِ بِسَبَبِ الدَّاءِ أَوْ الْحَبَلِ فَإِنْ ادَّعَى بِسَبَبِ الْحَمْلِ يُرِيهَا النِّسَاءَ فَإِنْ قُلْنَ هِيَ حُبْلَى يَحْلِفُ الْبَائِعُ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَإِنْ قُلْنَ لَيْسَتْ بِحُبْلَى لَا يَمِينَ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي ارْتِفَاعَ الْحَيْضِ بِسَبَبِ الدَّاءِ لَمْ يَكْتُبْ الْمُحَشِّي (قَوْلُهُ: قَالُوا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَمَةِ فِيهِ) فِي الْهِدَايَةِ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِقَوْلِ الْأَمَةِ فَتُرَدُّ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ نُكُولُ الْبَائِعِ اهـ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَدِيدَةِ تُسْمَعُ) وَأَقَلُّهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ وَالْمُسْتَحَاضَةُ وَاَلَّتِي يَرْتَفِعُ حَيْضُهَا زَمَانًا فَهَذَا كُلُّهُ عَيْبٌ وَفَسَّرَ فِي التُّحْفَةِ أَدْنَى ذَلِكَ الزَّمَانِ بِشَهْرَيْنِ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>