امر جامع: امر هاميستدعي ان يجتمع الناس عليه للتشاور والتداول. لا تجعلوا دعاء الرسول كدعاء بعضكم بعضا: لا تنادوا الرسول باسمه: يا محمد، بل عظموه وقولوا: يا رسول الله. يستللون منكم. . .: يخرجون خفية. لواذا: متسترين يلوذ بعضهم في بعض. يخالفون عن امره: يخرجون عن طاعته.
{إِنَّمَا المؤمنون الذين آمَنُواْ بالله وَرَسُولِهِ. . . .}
كما أمَرَ اللهُ تعالى المؤمنين بالاستئذان عند الدخول - أمَرَهم هنا بالاستئذان عند الخروج، وفي هذا تعليمٌ وتأديبٌ لنا جميعا.
ان المؤمنين حقاً اذا كانوا مع الرسول عليه الصلاة والسلام في امر مهمٍ من أمور المسلمين، كتشاوُرٍ في أمر الحرب، او ما ينفع المسلمين - فلا يحقّ لهم ان ينصرفوا الا بعد استئذانه ومشورته، فمن التزم بهذا فهو من المؤمنين الكاملين، ويحق للرسول أن يأذَنَ لمن يشاء منهم كما تقتضي المصلحةُ التي اجتمعوا عليها، ويستغفر للمستأذنين.
فقد حدث حين بدأ المسلمون بحفر الخندق عندما غزتهم قريشُ ومن معها من العرب - وكان في مقدمتهم الرسول الكريم - أنّ بعضَ المنافقين أخذوا يتسلّلون من ذلك المكانِ ويذهبون الى أهلِهم، اما المؤمنون فقد ثبتوا معه، وكان من يريد ن يذهب الى قضاء حاجة يستأذن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، فإن قضى حاجته عاد إلى مكانه وعمله.
{لاَّ تَجْعَلُواْ دُعَآءَ الرسول بَيْنَكُمْ كَدُعَآءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً} .
وعندما تخاطبون الرسولَ الكرمين فلا تنادوه باسمه: «يا محمد» مثلاً، أو يا أبا القاسم، وإنما خاطبوه بياء أيها الرسول، واحترموه غاية الاحترام، باللين من القول وخفض الجناح.
{قَدْ يَعْلَمُ الله الذين يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً}
والله تعالى يعلم عِلم اليقين الّذين ينصرفون متسلّلين بدون إذن حتى لا يراهم الرسول، فليحذَرِ الذين يخالفون أمرَ الله أن يصيبَهم بلاءٌ من الله او عذاب أليم.
{ألا إِنَّ للَّهِ مَا فِي السماوات والأرض. . . .}
واعلموا أيها الناسُ أن هذا الكونَ وما فيه مِلْكٌ لله وحده لا شريك له، ويعلم كل ما تعلمون، وسترجعون غليه فينبئكم بكل ما عملتموه من خير او شر، وسيجازيكم عليه، واللهُ بكل شيء عليم.
وهكذا ختمت السورة بتعليق القلوب والابصار بالله، وتذكيرها بخشيته وتقواه، والحمد لله أولاً وآخرا، ونسأله التمام على خير.