وجلون: خائفون. لا توجل: لا تخف. من القانطين: من اليائسين. ما خطبكم: ما شأنكم، ماذا تريدون. قدرنا: قضينا. الغابرين: الباقين في الهلاك.
{وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ. . .} .
يتناول القرآن الكريم قصص الأنبياء والمرسَلين، ويذكر طرفاً من أخبارهم ومعجزاتهم، وليس الغرضُ من هذا القصص التاريخَ ولا استقراء الوقائع، وانما الغرضُ منه الهداية والعِبرة والعظة. {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الألباب}[سورة يوسف: ١١١] .
وقد وردتْ قصةُ إبراهيم ولوطٍ في مواضعَ متعدّدة بأشكال متنوعة، تناسب السياقَ الذي وردت فيه، ووردتْ قصة لوط وحدَه في مواضع اخرى.
وهنا يقول الله تعالى: اخبرْني أيها النبيّ عن حال ضيف إبراهيم، عندما دخلوا عليه وسلّموا، فقال: إنّا منكم خائفون، فطمأنوه وقاولوا له: لا تخفْ، إنّا جئنا نبشّرك بغلام عليم. قال: كيف تبشّرونني بمولودٍ يولَد لي وأنا شيخٌ كبير السنّ، إنذ هذا الأمر لغيريب عجيب! فأجابوه مؤكدين ما بشّروه به: لقد بشّرناك بالحقٌ فلا تكنْ من القانِطين اليائسين. فقال إبراهيم، إنّي أيأسُ من رحمةِ الله، فإنه لا يقنَطُ من رحمة الله إلا الضالون.
ثم لما استأنس بهم وعرف أنهم جاؤوا بأمرٍ عظيم، واستفسر مهم فقال لهم: ما شأنكم بعد هذه البشرى أيّها المرسلون؟ قالوا: لقد أرسلَنا اللهُ تعالى الى قومٍ مجرمين في حقّ الله وحقِّ نبيِّهم وحق أنفسِهم، وسنهلكهم إلا آل لوط ومن اتّبعه فإنهم ناجون، دونَ امرأته (لأنها كفرتْ بالله ولم تتّبع زوجَها) فستكون من الماكثين في الهلاك مع القوم المجرمين.