موسى: نبي الله ورسوله إلى بني اسرائيل. فرعون: لقب لملوك مصر القدماء، والفرعون الذي تربى موسى في قصره هو رعمسيس الثاني، اما الذي حصل في زنمه الخروج فهو منفتاح بن رعمسيس، وجثته موجودة بالمتحف المصري، وقد كتب بجانب هيكله هذه الآية الكريمة {فاليوم نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} .
الملأ: اشراف القوم ظلموا بها: جحدوا وكفروا حقيق: جدير وخليق به. نزع يده: اخراجها لهم. فماذا تأمرون: فماذا تشيرون في امره أرجِه: أرجئه أي أخِّره في المدائين: في مدائنك وبلادك. حاشرين: جامعين للحسرة. ساحر عليم: علام بفنون السحر ماهر فيها.
هذه قصة سيدنا موسى، وقد ذُكرت بتطويلٍ وتفصيل في اثنتين وخمسين آية. وقد جاء ذِكر موسى في نحو اثنتين وعشرين سورةً بين مختصَر ومطوّلة، وذكر اسمه اكثر من مائة وثلاثين مرة. وسرُّ هذا التكرار ان قصص موسى شبيه بقصص النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كانت شريعتُه دِينيةً ودينوية، ولقيب من أُمته عَنَتاً كبيرا.
{ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم موسى} .
ثم بعثنا من بعد أولئك الرسلِ موسى بالمعجزات الّتي تدلّ على صِدقه فيما كلفناه تبليغه الى فرعون وقومه فبلّغهم موسى الدعوة، وأراهم آية الله لكنهم ظلموا انفهسم وقومهم بالكفر، فاستحقّوا من الله عقوبة صارمة كانت فيها نهاية امرهم.
قراءات:
قرأ ابو بكر وأبو عمرو ويعقوب: «أرجئْهُ» وقرأ حمزة والكسائي: «بكل سحَّار» .
وقال موسى: يا فِرعون، إن مرسَلٌ من الله ربّ العالمين، لأبلِّغَكم دعوتَه، وأدعوكم الى شريعته وأنا حريص على قول الصدق، فاستمعوا اليّ.
ثم بيّن ان الله أيّده بآيات تدل على صدقه في دعواه فقال:
{قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بني إِسْرَائِيلَ} .
ها أنا قد جئتكم بآيةٍ عظيمة الشأن، ظاهرةِ الحجّة، في بيان الحق الذي جئت به، فاترك بني إسرائيل لأُخرجَهم من العبوديّة في ديارك الى دارٍ غيرها يعبدون فيها ربهم بِحرّيَّةٍ.
قال فرعون لموسى: ان كنت جئتَ مؤيَّداً بآية من عند من أرسلكَ فأَظهِرها لديَّ إن كنتَ صادقا.
فوقف موسى وألقى عصاه التي كانت بيده اليمنى أمام فرعون وقومه، فاذا العصا حيّة تسعى من مكانٍ الى مكان، لم تخفَ على أحد.
واخرج يدَه من جيبه فإذا هي بيضاء ناصعةُ البياض تتلألأ للناظرن مع ان موسى أسمرُ البشرة.
فلما أظهر موسى آية الله تعالى، ثارت نفوسُ بطانةِ فرعون وعظماءِ قومه وقالوا: «إن هذا لَساحرٌ عليم» ماهرٌ في فنون السِحر، وليس ذلك بآيةٍ من الله. انظروا، لقد وجّه إرادته لسلب مُلككم، وإخراجكم من أرضكم بسِحره. فكِّروا يا قوم فيما يكون سبيلاً للتخلص منه.
وحين استشارهم فرعون بقوله: فماذا تأمرون؟ أجابوه: أَخّرِ الفصل في موسى وأخيه هارون الذين يعاونه في دعوته، وأرسلْ في مدائن ملكك رجالاً من جُندك يجمعون لك عظماء السَّحَرة من كل البلاد.
والسِّحر أعمالٌ غريبة وحِيَلٌ تخفَى حيقتُها على جماهير الناس، لخفاءِ أسبابها ومهارةِ من يزاولها من السّحَرة. وقد كان السحر فناً منا لنفون العالية التي يتعلمها قدماء المصريين في معاهد خاصة لهم. وكان شائعا في لك العصر ولا يزال السحر، او خفة الحركمة موجودا الى الآن، وفي امريكا وأوروبا عدد كبير من السحرة والمشعوِذين. اما في البلاد الجاهلة المتأخرة، وبين القبائل الهمجيّة فله شأن عظيم.