الاملاق: الفقر. الفواحش: مفردها فاحشة، وهي كل ما قبح من الاقوال والافعال. يبلغ أشُده: تكتمل قواه العقلية والجسمية ببلوغ سن الرشد. القسط: العدل. لا تتبعوا السُبل: لا تحيدوا عن تعاليم الإسلام فتخسروا.
بعد ان بين الله بعاده جميع ما حرّم عليهم من الطعام، وذكر حجته البالغة على المشركين، لتحريمهم ما لم يحرّمه الله، ثم دحض شُبهتهم التي اتجوا بها على شِركهم بربهم- جاء بهذه الآيات الثلاث فيها بيان أصول المحرمات في الاقوال والافعال، واصول الفضائل وانواع البر. وقد عبر عنها بعض المفسرين بالوصايا العشر.
قل لهم ايها النبي: تعالوا أبيّن لكن المحرمات لاتي ينبغي ان تهتموا بها وتبتعدوا عنها:
١- لا تجعلوا لله شريكاً ما، بأي نوعٍ كان من انواع الشرك.
٢- وأحسنِوا الى الوالدين غاية الإحسان والبر.
٣- ولا تقتلوا أولادكم بسبب فقرٍ نزل بكم، فلستم، انتم الرازقين، بل نحن الذين نرزقكم ونرزقهم.
٤- وابتعِدوا عن كل ما عظم قُبحه من الأعمال. وقد جاءت كلمات فاحشة وفحشاء وفواحش في كثير من الآيات، من ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الصلاة تنهى عَنِ الفحشآء والمنكر} وقوله: {إِنَّ الله لاَ يَأْمُرُ بالفحشآء} . {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفواحش مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} . {يانسآء النبي مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ} فكل عمل قبيح هو فاحشة. وقد روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «لا أحدٌ أَغْيرُ من الله، من أجل ذلك حرّم الفواحش: ما ظَهر منها وما بطَن» .
٥- {وَلاَ تَقْتُلُواْ النفس التي حَرَّمَ الله إِلاَّ بالحق} ، يعني إذا استحق القاتل ذلك. وفي الحديث الشريف «لايحل دم امرئ مسلم الا بأمور ثلاثة: كفرٌ بعد ايمان، وزنا بعد إحصان، وقتل نفس بغير حق» .
{ذلكم وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} .
أمركم الله تعالى أمراً مؤكّدا باجتناب هذه المنهيات لتعقلوا ذلك.
٦- ولا تتصرفوا في مال اليتتيم الا بأحسنِ تصرُّف يحفظه وينميه، فاحفظوا مال اليتيم، وثمّروه، وأنفقوا منه على تربيته وتعليمه ما يصلُح به معاشه واستمرّوا على ذلك حتى يبلغ رُشده، ويستطيع ان يستغل ماله بالتصرف السليم. فإذا بلغ فسلِّموه إليه كم قال تعالى في آية اخرى. {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فادفعوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} .
٧- وأتِمّوا الكيل إذا كِلتم للناس، او اكتلتم لأنفسكم. وأفو الميزانَ إذا وزنتم لأنفسكم فيما تبتاعون، او لغيركم فيما تبيعون ولا تكونوا من أولئك المطففين الذين وصفهم الله بقوله: {الذين إِذَا اكتالوا عَلَى الناس يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} .
{لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} فالله تعالى لا يكلّف نفساً الا ما تستطيعه دون حرج.