الفجر: ضوء الصبح بعد ذهاب الليل. وليالٍ عشر: العشر الأُول من ذي الحجة. والشَّفع والوتر: العدد الزوجي والفردي. والليل اذا يسر: الليل اذا يمضي ويذهب. لذي حِجر: لذي عقل. عاد: من قبائل العرب البائدة. إِرمَ ذات العماد: ارم ذات البناء الرفيع، كانت في الأحقاف بين عُمان وحضرموت. ثمود: قبيلة من العرب البائدة. جابوا الصخر: قطعوه ونحتوه. وفرعون ذي الأوتاد: فرعون مصر صاحب الاهرام التي تشبه الاوتاد. طغَوا في البلاد: تجاوزوا القدر في الظلم. سوط عذاب: فأنزل الله عليهم ألوانا من العذاب. المرصاد: مكان المراقبة، رصد الأمرَ يرصده: راقبه. ابتلاه. اختبره بكثرة الرزق. فقدَر عليه رزقه: ضيقه عليه.
{والفجر وَلَيالٍ عَشْرٍ. . . .}
يقسِم الله تعالى بالفجر والليالي العشر المباركة، وبالزوجِ والفردِ من كل شيء، وبالليلِ اذا يمضي بحركة الكون العجيبة ليهلكَ كل معاندٍ جبار. {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ؟} ان في ذكر هذه الأشياء جميعاً قَسَماً عظيماً مقنعاً لذوي العقول، وحجّةً كافية على وجوده وقدرته.
وبعد ان أقسم سبحانه أنه سيعذّب الكافرين - شرع يذكر بعض قصص الجبابرة من الأمم الغابرة: كيف أفسدوا وطغوا، فأوقع بهم أشدّ العذاب فقال:
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ. . . .}
ألم تعلم يا محمد كيف أنزل ربك عقابَه بعادٍ قوم هود، أهلِ إرَمَ ذاتِ البناء الرفيع، والتي لم يُخلَق مثلها في البلاد ضخامةً وارتفاعا!؟ يوضح ذلك قوله تعالى: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} [الشعراء: ١٢٨-١٢٩] . وقد تقدم الكلام على عاد ونبيّهم هود في أكثر من سورة.
{وَثَمُودَ الذين جَابُواْ الصخر بالواد. . . .}
وثمودُ، قوم صالح، الذين قطعوا الصخرَ ونحتوه، وبنوا منه القصورَ والأبنيةَ العظيمة. وكانت مساكنهم في الحِجر شماليّ الحجاز، ولا تزال بقايا من آثارهم موجودة. كما قال تعالى: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الجبال بُيُوتاً فَارِهِينَ} [الشعراء: ١٤٩] .
كذلك وَرَدَ ذِكر ثمود وبيّهم صالح في عدد من السور.
{وَفِرْعَوْنَ ذِى الأوتاد. . . .}
اذكُر كيف أنزلَ ربك عقابَه بفرعون صاحب الأهرام والمباني العظيمة، ووصفُ الأهرامِ بالأوتاد في غاية الدقة.
{الذين طَغَوْاْ فِي البلاد فَأَكْثَرُواْ فِيهَا الفساد}
إن جميع هؤلاء: قوم عاد وثمود وفرعون، قد طغَوا وبغَوا، وأفسدوا أشد الفساد.
{فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ}
فأنزل الله تعالى عليهم الوانا من البلاء والعذاب الشديد، وأهلكهم وأبادهم.
{إِنَّ رَبَّكَ لبالمرصاد}
إنه لَيرقب عمل الناس، ويحصيه عليهم ويجازيهم به.
وبعد أن بيّن سبحانه أنه لا يفوته شيء من شأن عباده، وأنه سيحاسِبهم ويجازيهم - ذكَر هنا طبيعة الإنسان الذي يَبْطَر عند الرخاء ويقنط من رحمة ربه عند الضرّاء فقال:
{فَأَمَّا الإنسان إِذَا مَا ابتلاه رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ ربي أَكْرَمَنِ وَأَمَّآ إِذَا مَا ابتلاه فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ ربي أَهَانَنِ} .
فأما الانسان اذا ما اختبَره ربُّه فأنعم عليه ووسّع له في الرزق والجاه، فيقول مغترًّا بذلك: ربّي فضّلني لأني أستَحِقّ هذا كلَّه.
وأما إذا ما اختبره بضيقِ الرزق فيقول غافلاً عن الحِكمة في ذلك: لقد أهانني ربّي.
قراءات:
قرأ عاصم: والوتر بفتح الواو، والباقون بكسرها. وقرأ ابن عامر فقدّر بفتح الدال بالتشديد. والباقون بدون تشديد.