الزَّعم: القول. وكثر استعماله في مظنّة الكذب. الطاغوت: الطغيان والمعبود من دون الله.
تعرض هذه الآيات الكريمة لوناً من ألوان التمرد على الوضع التشريعي السابق، فقد وصفتْ قَوماً أنهم يؤمنون بما أُنزل الى الرسول والأنبياء السابقين من الكتب، لكنهم يريدون ان يتحاكموا في خصوماتهم الى رؤوس الطغينان والضلال، فيقبلون حكم غير الله. انهم يتحاكمون الى الطاغوت فيحلّلون ما حرم اللهن، ويحرّمون منا أحل. ولقد أمرهم الله ان يكفروا بالطاغوت، ولا يتحاكموا اليه، الا ان الشيطان يصدّهم عن طريق الحق. واذا قيل لأولئك الذين يزعمون انه مؤمنون، تعالوا الى ما أنزل الله في القرآن لنعمل به ونحكّمه بيننا، والى الرسول ليحكم بيننا بما أراده الله رأيتَ هؤلاء المنافقين يُعرضون عنك يا محمد ويرغبون عن حكمك.
فكيف تكون حالهم إذا نزلتْ بهم مصيبة من جرّاء أعمالهم وخُبث نيّاتهم ولم يجدوا ملجأً الا اليك، فجاؤوك يُقسِمون بالله إنهم ما كانوا يريدون بالتحاكم الى غيرك إلا الإحسان في المعاملة، والتوفيقَ بينهم وبينَ خصومهم. إن الله يعلم حقيقة ما في قلوبهم وكذب قولهم فلا تلتفت يا محمد الى كلامهم، وادُعهم الى الحق بالموعضة الحسنة، وقل لهم قولاً حكيماً يصل الى اعمال نفوسهم.
وقد رويتْ عدة روايات في سبب نزول هذه الآيات منها أن يعض المنافقين تخاصم مع يهودي فقال له اليهودي: أُحاكمك الى أهل دنيك. زو يَعني الى النبي. فلم يقبل الرجل، وقبل ان يتحاكم الى أحد الكهان. والآية عامة في كل ما يصد عن حكم الله، ويعرض عن شرعه.