مخذولا: غير منصور. خذله: تخلى عنه. قضى: امر وأجب. اف: كلمة معناها التضجر. لا تنهزهما: لا تزجرهما بغلظة. خفض الجناح: التواضع والتذلل. للأوابي: للتوابين الراجعين الى الله.
{لاَّ تَجْعَل مَعَ الله إلها آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولاً} .
لا تُشرك بالله احداً، فتبقى ملوماً لا ناصر لك، ويكون الخذلان مكتوبا عليك.
{وقضى رَبُّكَ أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ إِيَّاهُ وبالوالدين إِحْسَاناً} .
وقد امر الله تعالى بعبادته باخلاص واكد ان لا نبعد غيره، ثم بعد ذلك امرنا بالبر والطاعة بالوالدين، لانهما عماد الاسرة، وفضلهما على الانسان لا يحد، وان اكبر نعمة تصل الى الانسان هي نعمة الخالق، ثم نعمة الوالدين.
{إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الكبر أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً واخفض لَهُمَا جَنَاحَ الذل مِنَ الرحمة وَقُل رَّبِّ ارحمهما كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} .
واذا كبرا في السن او كان احدهما عندك في مرحلة الشيخوخة وحال الضعف في آخر العمر، فلا تتضجر منهما، ولا تتأفف، ولا تزجرهما، وقل لهما قولا جميلا ليِّنافيه احسان اليهما وتكريم لهما. وألن لهما جانبك وتواضع لهما مع الاحترام الزائد، وادع لهما وتوجه الى الله ان يرحمهما برحمته الباقية، كفاء رحمتهما لك في صغرك وجميل شفقتهما عليك. وهما اديت لهما من خدمات فلن تستطيع ان تكافئهما.
وقد وردت احاديث كثيرة في بر الوالدين. منها عن عبد الله بن مسعود قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم اي العمل أحب الى الله ورسوله؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم اي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله» .
«وروى البزار عن بريدة عن ابيه: ان جلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يطوف حاملاً امه، فقال: هل اديتُ حقها؟ قال: لا، ولا بزفرة واحدة» .
قراءات:
قرأ حمزة والكسائي وخلف: «اما يبلغان» وقرأ ابن كثير ويعقوب: «أف» بفتح الفاء من غير تنوين. وقرأ حفص واهل المدينة «اف» بالكسر والتنوين كما هو في المصحف، والباقون «أفِّ» بدون تنوين.
{رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً} .
ربكم ايها الناس اعلم منكم بما في ضمائركم، فإن أنتم أصلحتم نياتِكم واطعتم ربكم، فانه يتوب عليكم، ان هفَوتُم واتيتم بما يخالف اوامره ثم تبتم، لانه دائم المغفرة للتوابين.