الخمر: كل ما اسكر من المشروبات. الميسر: القمار. الاثم: الذنب: العفو: الفضل والزيادة على الحاجة.
هذه أول آية نزلتن في الخمر، ثم نزلت بعدها الآية التي في سورة النساء {يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصلاة وَأَنْتُمْ سكارى} ثم نزلت الآية التي في المائدة. هكذا بالترتيب.
روى الامام أحمد وأبو داود والترمذي عن عمر انه قال: اللهم بينْ لنا في الخمر بيانا، فنزلت هذه الآية. فدعي عمر فقرئت عليه فقال: اللهمّ بين لنا في الخمر بياناً شافيا، فنزلت الآية التي في سورة النساء {يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصلاة وَأَنْتُمْ سكارى} . فدعى عمر فقرئت عليه فقال: الهلم بين لنا في الخمر بياناً شافيا. فنزلت الآية التي في المائدة {ياأيها الذين آمَنُواْ إِنَّمَا الخمر والميسر. . .} الآية فدعي عمر فقرئت عليه فلما بلغ {فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ} قال عمر: انتهينا، انتهينا.
روى الشيخان عن ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام. . الحديث» . فحرمةُ الخرم ثبتت بالإجماع، وهو المصدر الثالث.
يسألونك يا محمد عن حكم الخمر والقمار، فقل ان فيها ضرراً كبيرا من افساد الصحة وذهاب العقل والمال واثارة العداوة والبغضاء بين الناس، وفيهما منافع كالتسلية والربح اليسير السهل. . ولكن ضررهما أكبر من نفعهما فاجتنبوهما.
وأصل الميسر هو الجزور الناقةُ يقسمونها الى عدة أقسام ويضربون عليها القِداح، وهي قطع من الخشب تسمّى الأزلام، وهي عشرة وأسماؤها كما يلي: الفذ، والتوءم، والرقيب، والحلس، والمسبل، والمعلّى، والنافس، والمنيح، والسفيح، والوغد، فكان لكل واحد من السبعة الاولى نصيب معلوم. ولا شيء للثلاثة الأخيرة. وكان المعلّى اعلاها حيث له سبعة أجزاء ولذلك يضرب به المثل فيقال: «له القِد المعلّى» . هذا هو قمار العرب في الجاهلية. وقد حرّمه الله لما فيه من اكل اموال الناس بالباطل وما يجلب من المنازعات والفتنة.
وهذا النص القرآني العظيم يوضح لنا ان التشريع يراعى فيه منافع العباد، فما كثرت منافعه بجوار مضاره كان مطلوبا ومباحا، ما قلّت منافعه بجوار مضاره كان منهيّاً عنه.
وهو يومىء الى امر واقع في هذه الدنيا، وهو ان الاشياء يختلط خيرها بشرها، فليس هناك خير محض، ولا شر محض. فالخمر وهي ام الخبائث، فيها نفع للناس بجوار شرها الذي لا حدود له. والميسر الذي يشغل النفس ويصيبها باضطراب مستمر، فيه نفع للناس وآثام تفسد الحياة، ولقد كانت حكمة الله بالغة في تحريم الخمر على مراحل، وذلك لتعلُّق العرب بها في ذلك الزمان، ولأن تحريمها دفعة واحدة كان من الصعوبة بمكان.
{وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ العفو} ويسألونك يا محمد اي جزء من اموالهم ينفقون وأياً يمسكون؟ قل أنفقوا الزائد عن حاجتكم، وفي الصحيح قال: «خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعلو» واخرج مسلم عن جابر ان النبي قال: «ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك، فان فضل شيء فلذي قرابتك، فان فضل شيء عن ذي قرابتك فهكذا وهكذا» .
وكان يكره للمرء ان يتصدق بجميع ماله، ويجبّ ان يتصدق بما يزيد عن حاجته.
القراءات:
قرأ ابو عمرو «قل العفُو» بالضم.