ما كان لي عليكم من سلطان: من تسلط. ما انا بمصرخكم: ما انا بمغيثكم. استصرخني: استغاثني.
{وَقَالَ الشيطان لَمَّا قُضِيَ الأمر إِنَّ الله وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحق وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ} .
وجاء دورُ الشيطان، كل عظَمته وحِيَله قد ذهب الآن، وهو يقف موقف الذليل وتنصل من أتباعه. انه يعترف بصراحةٍ أنه كان كذّابا، وعد أتباعه كذباً وزوراً ويتسرسل قائلا:
{وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فاستجبتم لِي فَلاَ تَلُومُونِي ولوموا أَنفُسَكُمْ} .
ما كان لي عليكم قوةٌ أُجبِركم بها على اتّباعي، لقد دعوتُكم الى الضلال فأسرعتم الى إجابتي، فلا تلوموني بِوَسْوَستي ولوموا أنفسَكم لأنكم استجبتم لي.
ثم يتبرأ منهم وتنصّل.
{مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} .
أنا لا أستطيع اليوم ان أُغيثكم، ولا انتم تستطيعون إغاثتي من العذاب.
ثم يتبرّأ من كفرهم وإشراكهم ويكفرُ بهذا الإشراك فيقول:
{إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظالمين لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} .
فأنا لا أقبلُ أن أكونَ شريكاً لله فيما أشركتُموني فيه من قبلِ هذا اليوم، ان الكافرين لهم عذابٌ شديد مؤلم.
ثم لمَّا جَمَعَ الله تعالى الخلْقَ وذكر ما لقيَ الأشقياءُ وصَفَهم بأسوأ حال، ذكر حال السّعاداء، وما أعدَّ لهم من نعيمٍ مقيم في ذلك اليوم فقال:
{وَأُدْخِلَ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ} .
وهكذا يقابل الله تعالى بين حال الأشقياء والسّعداء، ويبيّن ان الذين آمنوا وصدّقوا وعملوا الأعمالَ الصحالة في جنّاته ناعمين مسرورين، خالين فيها على أحسن حالٍ بإذن الله تعالى، تحّيييهم الملائكةُ بالسلام، وهو شعارُ الإسلام.
قراءات:
قرأ حمزة: «وما انتم بمصرخيِّ» بكسر الياء المشددة. والباقون بفتحها. «بمصرخيَّ» كما هو في المصحف.