منطِق الطير: لغته. حشر: جمع. يوزعون: يمنعون من الفوضى ويسيرون بانتظام. لا يحطمنّكم: لا يهلكنكم. أوزِعني: يسِّر لي شكر نعمتك.
ذُكرت قصةُ داود في تسع سورة هي: سورة البقرة والنساء والمائدة والأنعام والإسراء والأنبياء وسورة النمل، وسبأ، وص، وورد ذكر سليمان في سبع سور هي: البقرة والنساء والأنعام والأنبياء والنمل وسبأ، وص.
وجاء ذكر داود هنا فقط، وبُسطت قصةُ سليمان بتوسع في هذه السورة اكثر مناه في اية سورة اخرى، وركزت على قصة سليمان مع الهدهدِ وملكةِ سبأ، ثم مشهد موكبه العظيم، وتحذير نملة لقومها من هذا الموكب، وبذلك سُميت السورة «سورة النمل» وذلك من الآية ١٥ الى الآية ٤٤.
ولقد اعطينا داود وسليمان عِلما، فَحَمِدا الله على ما أولاهما، وفضّلهما بذلك على كثير من المؤمنين. ويتبين لنا من الآية الكريمة فضلُ العلم وشرفه وشرف أهله، وأن الإسلام قام على العلم كما ورد في اول ما نزل منه:{اقرأ باسم رَبِّكَ الذي خَلَقَ. . . .} وفي آيات كثيرة، كقوله تعالى:{يَرْفَعِ الله الذين آمَنُواْ مِنكُمْ والذين أُوتُواْ العلم دَرَجَاتٍ} سورة المجادلة.
وقد آل الحكمُ والنبوة من داودَ إلى سليمان ابنه، الذي أخبرَ الناسَ تحدُّثاً بنعم الله عليه بأنه أثوتي فَهْمَ لغة الطير، وانه مُنح من جميع النعم قسطاً وافرا، وان هذا الذي آتاه الله لهو الفضل الكبير. وقد دلّت الابحاث الحديثة على ان لكل جماعةٍ من الطير طريقة خاصة تتفاهم بها الأفراد.
وحشر لسليمان جنوده من الجن والانس والطير فهم يتلاحقون، حتى اذا مروا بوادٍ فيه نمل كثير قالت نملة لجماعتها: يا معشر النمل، ادخلوا مساكنكم لا يهلكنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون بكم. فسمعها سليمان فتبسم ضاحكا متعجباً من قولها، وسأل الله تعالى ان يلهمه شكره على ما انعم عليه وعلى والديه من عِلم وملك، وان يوفقه للعمل الصالح الذي يرضاه، وان يدخله في رحمته وكرمه وفضله ويجعله من جملة عباده الصالحين.
وقد كتب كثير من الكتاب والباحثين عن معيشة النمل ونظامها، وما لها من عجائبض في معيشتها وتدبير شئونها، ومثابرتها على العمل. وانها تتخذ القرى في باطن الارض، وتخزن قوتها لأيام الشتاء.