لا يزال الحديث في مساوئ المنافقين. فبعض هؤلاء المنافقين يعيبك أيها الرسول، ويطعن عليك في قِسمة الصدَقات والغنائم. اذ يزعمون أنك تُحابي فيها. . تؤتي من تشاء من الأقارب، واهلِ المودّة، ولا تراعي العدْل، فإن أعطيتَهُم ما يرغبون رضوا عن عملِك وإلا فإنهم يَسْخَطون ويغضبون.
روى البخاري ومسلم عن ابي سعيد الخدري قال:«بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يَقْسِم مالاً إذ جاءه حرقوص بن زهير ذو الخُويصِرةَ التميميّ، فقال: اعدِلْ يا رسول الله فقال: ويلَك، ومن يعدِل اذا لم أعدِلْ!؟ فقال: عمر بن الخطاب رضي الله عن هـ: دعني يا رسول الله أضرِب عنقه، فقال رسول الله: دعه» الحديث.
وهناك عدة روايات تدل على ان اشخاصاً من المنافقين قالوا ذلك لأنّهم لم يأخذوا من الصدقات، فنزلت فيهم هذه الآية.
ثم يبين الله تعالى ما هو الألْيَقُ بالانسان، وهو الرضا بِقِسمة الله ورسوله، والقناعةُ والاكتفاء بالله، والرجاء في فضله، فقال:
{وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَآ آتَاهُمُ الله وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا الله سَيُؤْتِينَا الله مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّآ إِلَى الله رَاغِبُونَ} .
ولو ان هؤلاء المنافقين الذين عابوك في قِسمة الصدَقات، رضوا بما قَسَمَ اللهُ لهم، وهو ما اعطاهم رسول الله، وطابت نفوسهم به- وان قَلَّ - وقالوا: كفنا حُكم الله، وسيرزقُنا من فضله، لأن فضلَه لا ينقطع، ورسولُه لا يبخَس أحداً وإنّا إلى طاعة الله وإحسانه راغبون، لو فعلوا ذلك- لكان خيراًلهم من الطمع.
والخلاصة: انهم لو رضوا من الله بنِعمته، ومن الرسول بقِسمته، لكان في ذلك الخير كل الخير لهم.
قراءات:
قرا يعقوب:«يلمزك» بضم الياء وقرأ ابن كثير: «يلامزك» .