الاهلال: رفع الصوت. وما أُهل به لغير الله: ما ذبح لصنم أومعبود غير الله.
يتجه الخطاب هنا الى المؤمنين خاصة، وليبيّن الله لهم ما حرم عليهم بع أن طلب اليهم أن يأكلوا من طيبات ما رزقهم. وكان الناس قبل الاسلام فِرقا، فمنهم من حرم معلى نفسه أشياء معينة من الحيوان. وبعض أهل الاديان السابقة يتقربون الى الله بتعذيب أنفسهم وتحريم بعض المأكولات، واحتقار الجسد، وغير ذلك من ألوان التحريم الذي كان من عند أنفسهم، ومن وضع رؤسائهم.
وقد جعل الله تعالى هذه الأمة وسطاً تعطي الجسد حقه، والروح حقها. فأباح ان نتمتع بما طاب كسبه من الحلال ولا نتمنع عنه تديُّناً ولا تعذيباً للنفس، ولا نحرم بعضا ونحلل بعضا، تقليداً للرؤساء والحاكمين فقال: يا أيها الذين آمنوا أبيحَ لكم أن تأكلوا من الطعام الطيَب فاشكروا الله على ما أولاكم من نعمة التمكين من الطيبات، ومن نعمة الطاعة والامتثال لأمره انت كنتم تعبدونه حقا. وسأبيّن لكم المحرم عليكم فلا تسمعوا للمشركين وما حرّموا، ولا لما زعمه اليهود وغيرهم. ان المحرم عليكم هو ما مات من الحيوان ولم يذبح، فالميتة مؤذية للجسم. ونحن نعرف ان ما يموت بشيخوخة أو مرض يكون موته بسبب مواد سامة ضارة عجز جسمه عن دفع أذاها. اما في حال الاختناق أو الحرق والغرق فان الدم تتكون فيه مواد ضارة كثيرة.
والدم حرام عليكم أيضا: وكان العرب يأكلونه ويقدمونه لضيوفهم. كانوا يقصدون الحيوان ويحشون ما يسيلمن عِرقِه في مصران يشوونه ثم يأكلونه، وربما شربوا الدم طلباً للقوّة، فحرمه الله.
ولحم الخنزير: لأنه ضار وناقل للكثير من الأمراَ الخطيرة، ولا سيما في البلاد الحارة.
وما أُهل به لغير الله: كان العرب يذبحون القرابين لأصنامهم وآلهتهم ويرفعون أصواتهم باسم آلهتهم. وهذاشرك وكفر.
ثم يضع قاعدة جليلة هي اباحة هذه الممنوعات عند الضرورة، فالضرورات تبيح المحظورات. ولذلك قال تعالى:{فَمَنِ اضطر غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فلاا إِثْمَ عَلَيْهِ} فمن أُلجىء الى أكل شيء مما حرم الله بأن لم يجد غيره وخاف على نفسه الهلاك جوعاً، ولم يكن راغباً فيه لذاته، ولم يتجاوز قدر الحاجة فلا اثم عليه ان الله غفور رحيم.