اسرِ بعبادي: سر بهم ليلاً. متبعون: يتبعكم فرعون وجنوجه. رهْواً: ساكنا هادئا. مقام كريم: منازل حسنة. نعمة:(بفتح النون) الرفاهة وطيب العيش، والنعمة:(بكسر النون) ما أنعم الله به من رزق ومال وغيره. فاكهين: ناعمين في عيش رغيد. فما بكتْ عليهم السماء: لم تكترث لهلاكهم. مُنظِرين: مهملين ومؤخرين. العذاب المهين: الشديد الاهانة والإذلال. عاليا: جبّارا متكبرا. من المسرفين: في الشر والفساد. على عِلم: عالمين باستحقاقهم ذلك. على العالمين: في زمانهم. الآيات: المعجزات. بلاءٌ مبين: اختبار ظاهر.
فلما طال مقامُ موسى بين أظهُرِ قومِ فرعون ولم يؤمنوا به، ولم يزدهم ذلك الا كفراً وعناداً دعا ربه شاكياً قومه حين يئسَ من غيمانهم، بأن هؤلاء القوم مجرمون، لا أمل فيهم.
وحينئذ أمره اللهُ ان يُخرج بني اسرائيل ليلاً وان يحذَروا، لأن فرعونَ وقومه سيتبعونهم. وطلب إليه: إنك اذا قطعت البحر يا موسى فاتركه ساكناً على حاله حتى يدخلَه فرعونُ وقومه فيغرقوا فيه. {إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ} .
ثم بين الله تعالى بعد غرقِ آل فرعون كم تركوا بعد إغراقهم ومَهلَكِهم من بساتينَ وقصور، وحدائقَ غناء وزروع ناضرة، وعيشة ناعمة {كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ} ناعمين مترفين.
{كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ}
هكذا فعلنا بهؤلاء الذين كذّبوا رُسلَنا، وهكذا نفعل بكل من عصانا. ثم إننا أورثنا تلك البلادَ وما فيها من خير عميم قوماً آخرين، لا يمتّون إليهم بقرابة ولا دين. فما حزنتْ عليهم السماءُ ولا الأرض عندما أخذهم العذابُ ولا أُمهلوا لتوبةٍ او تداركِ تقصير.
ثم بين الله كيف نَجَّا موسى ومن معه وذَكَر إحسانَه إليهم بأنه خلّصهم من العذاب المهين، بإهلاك عدوّهم فرعون، الذي كان متكبراً مسرفاً في الشر والفساد، وبيّن انَّه اصطفاهم على عالَمِ زمانهم، وأعطاهم من المعجزات ما فيه اختبارٌ ظاهر لهم وبلاء. كما قال تعالى:{وَنَبْلُوكُم بالشر والخير فِتْنَةً}[الأنبياء: ٣٥] .