في هذه الآيةِ تسليةٌ للنبي صلى الله عليه وسلم، على سفاهة قومه، فإذا كان أولئك الجاحدون قد استهزأوا بما تدعو إليه يا محمد وبالقرآن فقد نالَ الانبياءَ الذي قبلك من أقوامهم كذلك، فلا تحزّن. فإني أمهلتُ الذين كفروا ثم أخذتُم بعقابٍ شديد.
{أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ على كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} .
أفمن هو قائمٌ حفيظٌ على كلّ نفسٍ لا يخفى عليه شيء ما كسبت كَمَن ليس كذلك! فالجواب محذوف وهو: كمن ليس كذلك. وهذا من بلاغة القرآن.
{وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ قُلْ سَمُّوهُمْ} .
وقد جعل هؤلاء الكفرةُ لِله شركاءَ فعبدوهم، فقل أيها النبي: صِفُوهم بأوصافِهم الحقيقة، {أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي الأرض} أتخبرونه بشركاءَ يستحقَّون العبادة في الرض وهو لا يِعلَمُهم. {أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ القول} أم تدَّعون أنهم آلهةٌ بالقول الباطلِ من غير حقيقة.
بل الحقيقةُ أنه زُيِّن للذين كفروا تَدبيرُهم الباطلُ، فتخيَّلوا أباطيلَ ثم ظَنُّوها حقاً، وصُرِفوا عن السبيل وتاهوا، ومن يخذلْهُ اللهُ فما له من هادٍ يَهديه الى الصواب.
قراءات:
قرأ ابن كثير ونافع وابو عمرو وابن عامر:«وصدوا عن السبيل» بفتح الصاد. والباقون «وصدوا عن السبيل» بضم الصاد وهي القراءاة في المصحف.
{لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الحياة الدنيا وَلَعَذَابُ الآخرة أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ الله مِن وَاقٍ} .
لهم العذابُ في الدنيا بالهزيمةِ والأَسرِ والقتل، ولَعذابُ الآخرةِ أشدُّ وأدوم، وما لهم حافظ يعصِمُهم من عذاب الله.