تَبَّ: خسر وهلك. تبَّ يتَبّ تَباً وتَبابا. يقال في الدعاء على الانسان: تبتّ يدُه. وتَبّاً له: هلاكاً له. يصلَى نارا: يدخلها ويجدُ حرها. أبو لهب: عبد العزّى بنُ عبد المطلب، عم النبيّ الكريم. امرأته: أروى بنت حرب، أُم جميل أخت أبي سفيان. حمالة الحطَب: التي تسعى بالنميمة والفتنة بين الناس. الجيد: العنُق. المَسَد: كل حَبْل مفتول.
{تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}
تَبَّ: الأولى دعاءٌ عليه بالهلاك، وتبّت الثانية إخبارٌ بأنه قد هلك. لقد خسر أبو لهب وهلك، وضلّ عملُه لعدائه للرسول الكريم، وكثرةِ ما سبّب من الأذى له وللمسلمين. فقد كان من أشدّ الناس عداوةً للنبي صلى الله عليه وسلم.
والتعبيرُ باليد لأنها أداةُ العمل ومظَرُ القوة. {ذلك بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} [الحج: ١٠] . وهذا تعبيرٌ مألوفُ عندَ العرب، تقول: أصابتْهُ يدُ الدهر، ويدُ الرزايا والمنايا.
{مَآ أغنى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ}
إن كل ما جمع من مالٍ، وما عنده من أولادٍ لن ينفعَه بشيء، ولن يغنيَ عنه يومَ القيامة، ولا يدفع عنه العذاب.
وكان لأبي لهبٍ ثلاثةُ أولاد: عُتبة، ومعتِب، وعُتيبه. وقد أسلم عُتيبة ومعتبُ يوم الفتح، وشهِدوا حُنَيْناً والطائف.
واما عتبة فلم يُسلم. وكانت أم كلثوم بنتُ رسول الله زوجةً له، وأختُها رقيةُ عند عتيبة. فلما نزلت هذه السورة قال أبو لهب: رأسي ورأساكما حَرامٌ إن لم تطلِّقا ابنتَي محمّد. فطلقاهما.
وأراد عُتبة ان يذهبَ إلى الشام مع أبيه فقال: لآتِيَنَّ محمّداً وأُوذينَّه. فقال: يا محمد، إني ك افر بالنّجم إذا هوى، وبالذي دنا فتدلّى. ثم تفل امام الرسول الكريم وطلّق ابنته أُم كلثوم. فقال الرسول الكريم «اللهُمّ سَلِّطْ عليه كلباً من كلابك» فافترسَه الأسدُ بالزرقاءِ في الأردن. ومات أبو لهب بعد وقعةِ بدرٍ بسبعة أيام.
{سيصلى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ}
سيُعذَّب بنارِ جهنّم الحاميةِ ذاتِ الشرر واللهب، الّتي أعدّها الله لمِثْله من الأشرارِ المعاندين.
{وامرأته حَمَّالَةَ الحطب فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ}
وستعذَّب امرأتُه، أم جميل العَوراء، بهذه النار أيضا، لشدة عِدائها للرسول الكريم، ولِما كانت تسعى بالنَّميمة والفتنة لإطفاء دعوةِ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
قال ابنُ عباس ومجاهد وقتادة والسُدّي: كانت تمشي بالنميمة بين الناس. والعربُ تقول: فلان يَحْطِب على فلانٍ إذا حَرَّضَ عليه.
وفي الحديث الصحيح «لا يدخُل الجنّةَ نمّام» وقال: «ذو الوجهينِ لا يكونُ عند الله وَجِيها» والنميمةُ من الكبائر.
وقيل ايضا إن أُمَّ جميل هذه كانت تحمِل حُزَمَ الشوكِ والحَطَب وتنثُرها باللّيل في طريق رسولِ الله لإيذائه. لذلك فإنّ في عنقِها يوم القيامة حَبلاً تُشَدّ به إلى النار، وبئس القرار.
قراءات:
قرأ ابن كثير: ابي لهب باسكان الهاء. والباقون بفتح الهاء وقرأ عاصم: حمّالة بنصب التاء. على الذم. وقرأ الباقون: حمالة بالرفع صفة لامرأته.