وقالت جماعة من أهل الكتاب لاخوانهم: يا هؤلاء، آمِنوا بالذي أُنزل على محمد، في الصباح واكفروا آخر النهار. بذلك قد تستطيعون ان تفتنوا اصحابه فيرجعوا عن دينهم.
روى ابن عباسٍ أن جماعة من اليهود قالوا بضعهم لبعض: تعالوا نؤمن بما أُنزل على محمد وأصحابه غدوةً ونكفر به عشيّة حتى نُلبِّسَ عليهم دينهم، فقد يقلّدوننا في ذلك، فيرجعون عن دينهم. فأنزل الله هذه الآيات.
وقد حذّر الله نبيه من مكر هؤلاء، وأطلعه على سرّهم حتى لاتؤثر هذه الحيلة في قلوب ضعفاء المؤمنين.
وقالوا أيضاً {وَلاَ تؤمنوا إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ} ، أي لا تُذعنوا إلاّ لمن كان من أهل دينكم يهوديا، خشية أن يدَّعيَ أحد أنه أوتي مثل ما عندكم أو يحتجّ عليكم عند ربكم، فقل لهم يا محمد: ان الهدى يأتي من عند الله يختاره لمن يشاء، وكذلك الفضلُ من عنده يمنّ به على من يشاء من عباده، فليس الهدى مقصورا على شعب بعيْنه ولا فرد بذاته. ان فضل الله واسع ورحمته عامة، لا كما يزعم اليهود بأنهم شعب الله المختار.