من هذه الآيات الى ستين آية بعدها يعالج التنزيل وقعة أُحُد. ويتخلل ذلك تذكيرُ المؤمنين كيف نصرهم الله يوم بدر، لأنهم اطاعوا الله ورسوله وكانوا يداً واحدة. اما معركة أحد فقد بدأت بالنصر للمؤمنين، وانتهت بالدائرة عليهم، لأنهم عصوا أوامر الرسول عليه الصلاة والسلام. وكانت المعركة كارثة كادت تمحو المسلمين لولا فضل من الله.
اذكر يا محمد اذ خرجت مبكراً (صباح السبت، سابع شوال، سنة ثلاث للهجرة) تهيّىء امكنة القتال للمؤنين. يومذاك رتب الرسول الناس فجعل الرماة في موضع مرتفع (وهم خمسون رجلا) ، وأمّر عليهم عبد الله بن جبير وأفهمه وأصحابه ان يلزموا مراكزهم، وان لا يفارقوه أبدا مهما كانت نتيجة المعركة. كذلك رتب الفرسان في أماكنهم وعيّن لبقية المقاتلين مراكزهم. ودارت المعركة، وانهزم المشركون، فقال الرماة المسلمون: لقد انهزم المشركون. لذلك تركموا مراكزهم رغم أمر الرسول ألا يرحوها، وقالوا: الغنيمةَ الغنيمة. ولقد نبههم أميرهم الى خطأهم فلم يسمعوا وذهبوا في طلب الغنيمة. بذلك كشفوا ظهر المسلمين. وعندئذٍ جاء خالد بن الوليد، آمر فرسان المشركين، وكرّ وعلى المسلمين من ورائهم وأَعمل فيهم السيف. ورجع المشركون حين رأوا خالداً والفرسان قد احاطوا بالمسلمين، وانقلبت المعركة، وكثر القتل، واستشهد عدد من المسلمين وجُرح النبي صلى الله عليه وسلم. وكل ذلك بسبب مخالفة المسلمين لأوامر رسول الله.
اذ همّت طائفتان من جيشك يا محمد ان تجبُنا وترجعا (وهما بنو سلمة من الخزرج وبنو حارثة من الأوس) فقد تزعزعت نفوسهم عند ما رأوا عبد الله بن أُبيّ، رئيس المنافقين، ينسحب بثلاثمائة رجل. . لكن الله تولاّهما وثبتهما، وصرف الفشل عنهما. فعلى المؤمنين ان يأخذوا من هذا عبرة ويتوكلوا على الله، فبقدرته تعالى ينصر الفئة القليلة على الفئة الكثيرة اذا اطاعوا وثبتوا.