الامساك بالمعروف: ان يرجع زوجته بقصد المعاشرة الحسنة. افتدت: اي دفعت عن نفسها فدية لتخلصها بها، حدود الله: احكامه. الاعتداء: تجاوز الحد.
شُرع الطلاق في الاسلام حينما تشتد الخصومة بين الزوجين الى حد لا يتجدي فيه محاولة الاصلاح. وقد عُرف الطلاق من قديم، فكان للمرأة عند العرب في جاهليتهم طلاق وعدة ومراجعة في العدة. لكنه لم يكن للطلاق حد ولا عدد، فكان الرجل يطلق زوجته ثم يطلقها الى غير حد. تطليق فمراجعة ثم تطليق فمراجعة وهكذا، لا يتركها لتتزج غيره فتستريح ولا يثوب الى رشده فحيسن عشرتها، وانما يتخذها ألعوبة في يده.
فأنزل الله تعالى:{الطلاق مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} والمعنى ان الطلاق المشروع، عند تحقق ما يبيحه، يكون على مرتين، مرة بعد رمة. فاذا ما طلق الرجل زوجته المرة الأولى أو الثانية كان عليه إما ردّها الى عصمته مع احسان عشرتها، وهذا هو الامساك بالمعروف، وإما ان يتركها تنقضي عدتها وتنقطع علاقتها به، وذلك هو التسريح بالاحسان. فان عاد الزوج بعد ان راجعها من الطلاق الثان وطلقها ثالثة حرمت عليه، حتى تتزوج من غيره ويطلقها الأخير وتنقضي عدتها منه. بذلك تكون المدة التي انفصل عنها الأول فيها لا تقل عن ستة أشهر، وبعد ذلك يجوز له ان يتزوجها ان ارادت.
{وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً. . .} الآية لا يحل للرجل ان يسترد شيئاً من صداقٍ أو نفقة أنفقها على زوجته في مقابل طلاقها، ما لم تجد هي أنها كارهة لا تطيق عشرته وتخاف معه ان تخرج عن حدود الله، فهنا يجوز لها ان تطلب الطلاق مه، وان تعوضه عن تحطيم بيته. وذلك بأن ترد المهر الذي دفعه لها أو بعض النفقة عليها أو كلها.
وهكذا يراعى الاسلا م جميع الحالات الواقعية التي تعرض للناس، ويراعى مشاعر القلوب التي لا حيلة للانسان فيها، ولا يجبر الزوجة على حياة تنفر منها. وفي الوقت ذاته لا يضيع على لرجل ماله بلا ذنب جناه.
وأول حادث حدث في الاسلام من هذا القبيل أن جميلة بنت أُبَيّ بن سلول كانت زوجة لثابت بن قيس، وقد جاءت الى رسول الله وقالت له: يا رسول الله، لا يجمع رأسي ورأسه شيء أبدا، إاني رفعت جانب الخباء، فرأيته أقبلَ في عندة من الرجال فاذا هو أشدّهم سواداً وأقصرهم قامة، وأقبحشهم وجها. وقال ثابت: يا رسول الله، إني أعطيتها أفضل مالي، حديقة، فلترد على حديقتي. قال: ما تقولين؟ قالت: نعم، وان شاء زدته. ففرق النبي بينهما. وهذا معنى قوله تعالى {أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله} وهو ان يظهر من المرأة سوء الخلق والعشرة لزوجها، فإذا ظهر ذلك حلّ له ان يأخذ ما اعطته من فدية على فراقها.