الشهر الحرام: هنا: ذو القعدة. وهو أحد الأشهر الحرم الأربعة. الحرمات: كل ما يجب احترامه والمحافظة عليه. القصاص: المقاصة والمقابلة بالمثل.
الأشهر الحرم: رجب. ذو القعدة. ذو الحجة. والمحرم. وكانت العرب تحرّم القتال فيه هذه الأشهر، ثم جاء الاسلام فأقر ذلك. وفي عام ست من الهجرة أعلن النبي للمؤمنين وللناس جميعا أنه يريد العمرة ودعا الناس للخروج معه. وأحرم بالعمرة وساق معه سبعين بدنة هَدْياً الى الله. وخرج معه ألف وأربعمائة من أصحابه. فلما بلغوا الحديبية، وهو مكان قرب مكة، خرجت قريش متأهبة للقتال ومنعته من دخول مكة. ثم جرت مفاوضات انتهت بالصلح على ان يرجع رسول الله من مكانه في ذلك العام، ويعود في العام المقبل ليؤدي العمرة. فنحر الهديَ في ذلك المكان، وحلق، وأمر أصحابه ان يفعلوا ذلك وعاد الى المدينة. فلما كان العام المقبل خرج معتمرا ومعه أصحابه، ودخلوا مكة وأتموا العمرة ومناسكها ومكثوا فيها ثلاثة أيام ثم رجعوا الى المدينة. وهذا معنى قوله: الشهر الحرام بالشهر الحرام. . يعني أن ذا القعدة الذي أوصلكم الله فيه الى رحمه وبيته، على كراهة مشركي قريش، حيث قضيتم مناسككم لهو بالشهر الحرام الذي صدكم فيه مشركوا قريش قبل عام. وهكذا فقد أقصّكم الله منهم أيها المؤمنون. فاذا اعتدوا عليكم في الشهر الحرام وقاتلوكم فيه، فقابلوا ذلك بالدفاع عن أنفسكم فيه. انه حرام عليهم كما هو حرام عليكم. وفي الحرمات والمقدسات شُرع القصاص والمعاملة بالمثل، فمن اعتدى عليكم في مقدساتكم فادفعوا عدوانه بالمثل، واتقوا الله فلا تسرفوا في القصاص، واعلموا ان الله مع المتقين بعينهم وينصرهم.
وكان صلح الحديبية أول نصر سياسي كبير واعظم توفيق من الله لنبيه الكريم، وذلك باعتراف قريش به وبالمفاوضة معه وتوقيع الصلح.