بعد أن أمر سبحانه بالعدل في شؤون المرأة والإحسان لليتامى والضعفاء والمساكين بيّن هنا أنه قد أمرنا بكل ذلك، لا لأنه يستفيد منه او أنه بحاجة الى اعمال العباد، فهو مستغن عن جميع المخلوقات، وإنما أمرَنا بالعدل حتى نزداد إيماناً وعملاً صالحا. لذلك ترى انه كرر كونه مالك السماوات والأرض ومَن فيهن ثلاث مرات ليعلموا ذلك علم اليقين.
إن لبّ الدين هو الخضوع لخالق هذا الكون، والاعتراف بسلطانه المطلق على كل ما في السماوات والأرض أبرزَ وصيّته لكل من أنزل عليهم كتاباً من عنده فقال ما معناه: وصّينا أهل الديانات السماوية ووصيانكم أنتم يا معشر المسلمين أن تخافوه وتعبدوه.
لا يخلّ بسلطانه شيء. وهو غنيّ عنكم. . ومع ذلك، فإنه يحمد لكم إيمانكم. ثم كرر ذلك {وَللَّهِ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض. . .} فهو المسيطر والمدبّر، وكفى ان يكون هو المتولّي أمرَ هذا الكون العظيم لينتظم، والناس كي يعبدوه ويفوضوا أمورهم اليه.
ثم بيّن لمن يكفرون مآل شأنهم في ملك الله، وذكَر قدرته على الذهاب بهم والمجيء بغيرهم فقال {إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا الناس وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ الله على ذلك قَدِيراً} اي أنه قادر على إفنائكم من الوجود، وايجاد قوم آخرين من البشر وهو اذ يوصيهم بتقواه لا يضره شيء اذا لم يسمعوا الوصية ان ذلك لن يُنقص من ملكه شيئاً، وانما يوصيهم بالتقوى لصلاح حالهم.
وبقدر ما يؤكد الاسلام كرامة الانسان على الله وتفضيله على كل ما في الكون يقرّر هَوانَهُ على الله حين يكفر ويتجبّر، ويدّعي خصائص الألوهية.