اكره: غصب بالضغط. من شرح بالكفر صدرا: اعتقد الكفر من طيب نفس. لا جرم: حقا، لاشك.
{مَن كَفَرَ بالله مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بالإيمان} .
ان الذين يكفرون بعد ان دخلوا الاسلام وآمنوا عليهم غضبُ الله، ويستثنى من ذلك من أُمره على الكفر بالضغط والتعذيب ونطق بالكفر ولكنه مؤمن ايماناً صادقاً، فلا لوم عليه. وقد ان كفار قريش يعذّبون الضعفاء من المسلمين الذين ليسوا من قريش مثل عمار بن ياسر وابويه وبلال وغيرهم، ويجبرونهم على النطق بكلمة الكفر، فاذا لم يفعلوا قتلوهم، فنزلت الآية تجيز لهم النطقَ بكلمة الكفر ظاهرا ليتخلصوا من عذاب المشركين، ولا تثريبَ عليهم.
{ولكن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ الله وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} .
أما الذين كفروا طائعين مختارين، فغضب الله عليهم ولهم عذاب عظيم في الآخرة.
{ذلك بِأَنَّهُمُ استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وَأَنَّ الله لاَ يَهْدِي القوم الكافرين} .
هؤلاء الذين كفروا طوعا واصروا على لاشرك إنّما آثروا الحياة الدنيا وزينتها على نعيم الآخرة، والله لا يوفق من يشر به ويجحد آياته.
{أولئك الذين طَبَعَ الله على قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وأولئك هُمُ الغافلون} .
إنّ الذين اتصفوا بما تقدم لهم الّذين طبع اللهُ على قلوبهم وسمعهم وابصارهم فأغلقَها عنا لحق، فلا يؤمنون ولا يهتدون.
{لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخرة هُمُ الخاسرون} .
لا شك بأنهم هم الخاسرون لكل خير في الدنيا والآخرة، ولا خسرانَ أعظمُ من غضب الله.
{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} .
ثم اعلمْ ايها النبي ان ربك ناصرٌ الذين هاجروا من مكة فراراً بدينهم، وبأنفسهم من عذاب المشركين، ثم جاهدوا وصبروا على مشاق التكاليف، ان ربك من بعد ما تحمّلوا ذلك الغفورٌ لما حصل منهم، رحيم بهم فلا يؤاخذُهم على ما أُكرهوا عليه. . . الآية كما يظهر من لفطها تعم جيمع الذين اضطهِدوا وعذَّبوا من ضعفاء المسلمين.
{يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وتوفى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} .
ويوم القيامة يأتي كل انسان لا يهمه الا نفسه والدافع عنها، وينسى كل شيء من مال ووالد وولد، والله تعالى يومئذ يوفّى كل نفس جزاءَ ما كسبت من اعمال، ولا يظلم ربك احدا.