الغيب: ما غاب عنا. الشهادة: الحاضر الآن. همزات الشياطين: وساوسهم. من ورائهم: من امامهم. برزخ: حاجز.
{مَا اتخذ الله مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إله بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ سُبْحَانَ الله عَمَّا يَصِفُونَ} .
من الحقِّ الي جاء به الرسولُ الكريم من عند ربه معلَناً للناس كافة أن الله تعالى لم يلدْ ولم يولد ولم يتخذْ ولدا، ولم يشاركْهُ في الملك آلهٌ آخر، وبيّن ذلك بدليلين:
١ - إذا لذهبَ كل إلهٍ ما خلق. يستقل كل اله بما خلقه، يصرّفُه حسب ما يريد، فيصبح لكلّ جزءٍ من الكون، او لكل فريقٍ من المخلوقات - قانون خاص، ويحصل التباين في نظام هذا الكون. . . وهذا غير واقعٍ، فنظام الكون منسَّق منتظم {مَّا ترى فِي خَلْقِ الرحمن مِن تَفَاوُتِ} [الملك: ٣] .
٢ - ولَعلا بعضُهم على بعض. ولحصَلَ خلافٌ كبير بين الإلهين، وقهر أحدُهم الآخر، وكل هذه الامور غير موجودة. على العكس فإن وحدةَ الكون ظاهرةٌ تشهد بوحدة مكوّنه، بوحدة خالقه، وكل شيء في هذا الكون يبدو متناسقاً منتظماً بلا تصادم ولا نزاع.
وبعد ان وضَح الحقّ وصار كفَلَقِ الصبح جاء بما هو كالنتيجة لذلك فقال:
{سُبْحَانَ الله عَمَّا يَصِفُونَ}
تنزه الله عما يقوله المشركون مما يخالف الحق. ثم وصف نفسه بصفات الكمال فقال:
{عَالِمِ الغيب والشهادة فتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ}
هو العالم بما غاب عن خلقه من الشاء فلا يرونه ولا يشاهدونه، وبما يرونه ويعملونه، فليس لغيره نم خلْقٍ يستقلّ به، فتنزه اله عما ينسبُه الكافرون إليه من وجود الشريك.
ثم بعد أن يقرر هذه الحقائقَ يأمر رسلَه الكريم ان يتوجّه إليه، وان لا يجعله قريناً لهؤلاء المشركين، وأن يستعيذَ به من الشياطين، فلا تثور نفسُه، ولا يضيق صدره بام يقولون:
{قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي القوم الظالمين}
قل: يا رب، إنْ عاقبتَهم وانا أشاهدُ ذلك فإني اسألك ان لا تجعلني مع القوم الكافرين. والرسولُ عليه الصلاة والسلام في منجاةٍ من ان يجعلَه الله مع القوم الظالمين حين يحلُّ بهم العذاب، ولكن هذا تعليمٌ له وللمؤمنين ان لا يؤمنوا مكر الظالمين، وان يظلّوا أبداً أيقاظا، يلوذون بحمى الله.
روى الإمام أحمد والترمذي «ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو ويقول:» واذا أردتَ بقومٍ فتنةً فتوفَّني غيرَ مفتون «
{وَإِنَّا على أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ} .
ان الله قادرٌ على ان يحقّق ما وعدَ به الظالمين في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام. ولقد أراه بعضَ ما وعدهم في غزوة بدرٍ من قتلِ زعمائهم، وفي غزوة الفتح من النصر العظيم.