كتب: فرض. خيرا: الخير كل ما يحقق نفعا أو سعادة، ويطلق على المال الكثير الطيب، وهو المقصود هنا. الوصية: ما يكتبه الرج ليُعمل به ومن بعده.
المعروف: الخير المتعارف به بين الناس. الجنف: الجور، والميل عن الصواب.
كان الكلام في الآية السابقة عن القصاص في القتل، وفي هذه الآيات جاء تشريع آخر هو الوصية عند الموت، والمناسبة بين هذه الآيات واضحة والخطاب موجه الى الناس كلهم بأن يوصوا بشيء من الخير. فيقول سبحانه: فرض عليكم أذا حضرت أسبابُ الموت وعلله أحداً من الناس وكان عنده مال كثير يوصي من هذا المال للوالدين وذوي القربى بشيء منه، على ان لا تزيد الوصية على ثلث مال الموصي. فأما اذا كان ماله قليلاً وله ورثة فلا تجب عليه الوصية. لأن الله تعالى يقول:{إِن تَرَكَ خَيْراً} والخير: هو المال الكثير.
ونص الآية ان الوصية تجب للوالدين، والأقربين وهناك آية الميراث في سورة النساء التي تورّث الوالدين. وهناك حديث صحيح:«لا وصية لوارث» ، رواه أصحاب السنن. ولذلك قال معظم العلماء: ان الوصية لا يتجوز للوارث بما وفي ذلك الأب والأم؟ وقال بعضهم يجوز أن يوصي لبعض الورثة عملاً بهذه الآية. اما الأقربون الذي لا يرثون فالوصية لهم جائزة بنص هذه الآية وحكمها باق.
وحكمة الوصية للأقارب عظيمة، فهي لون من الوان التكافل الاجتماعي. ولذلك قال تعالى {حَقّاً عَلَى المتقين} اي أوجب ذلك حقا على المتقين.
واذا صدرت الوصية عن الموصي كانت حقاً واجبا لا يجوز تغييره ولا تبديله، فمن بدّل هذا الحق بعد هذا الحكم، فقد ارتكب ذنبا عظيماً. ان الله سميع لأقوال المبدّلين والموصين ويعلم نياتهم ويجازيهم على أفعالهم.
وحكم الوصية عند جمهور العلماء انها مندوبة. وقال بعض العلماء انها واجبة.
{فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ. . .} الآية فاذا خرج الموصي في وصيته عن نهج الشرع فتنازع الموصى لهم في المال، أو مع الورثة، فتوسط بينهم من يعلم بذلك وأصلح فلا اثم عليه في هذا التبديل، لأنه تبديل باطلٍ بحق، وازالة مفسدة بمصلحة، ان الله غفور رحيم.
القراءات:
قرأ حمزة ويعقوب والكسائي وأبو بكر «موصّ» بتشديد الصاد من وصّى.