قال إخوة يوسف وقد ملئوا غيظا على بنيامين لما أوقعهم فيه من الورطة: إن يشرقْ فقد سرقَ* أخ له من قبل. يقصدون بذلك يوسف.
وفطن يوسف الى طعنِهم الخفيّ بقولهم:{إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ} ساءه ذلك، لكنّه أسرّها، وقال في نفسه:{أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً والله أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ} لانه العليم بحقائق الاشياء.
ثم أرادوا ان يستطعطفوه ليُطلقَ لهم بنيامين فيرِجعوا به الى أبيهم، لأنه قد أخذ عليهم ميثاقاً بان يردوه اليه، {قَالُواْ ياأيها العزيز إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً} طاعنا في السن لا يكاد يستطيع فِراقه، {فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ المحسنين} إلينا في ضيافتنا وتجهيزنا. قال: حاش لله ان نأخذ إلاّ م وجدْنا عندَه السقايةَ المسروقة. ولقد حكمتم بذلك حين قلتم:{قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} .
فلما انقطع منهم الأمل، ويئسوا من قبول الرجاء، اختَلَوا بأنفُسهم يتشاورون في موقفهم من ابيهم. فقال كبيرهم: لقد أخذ أبوكم عليكم عهداً من الله بِردِّ أخيكم. وقد سبق ان فرّطتم في يوسف، وعلى ذلك فإنني لي أبرح أرض مصر حتى يأذن لي أبي في القدوم عليه، او يحكم اللهُ في شأني وهو خير الحاكمين.