الغرور: بفتح الغين: الشيطان، وقد فسره في الآية التي بعدها. السعير: نار جهنم.
بعد ان قرر الله التوحيدَ وهو أصلُ الأصول في الايمان - ذكر هنا الأصلَ الثاني وهو الرسالة، وسلّى رسوله الكريم عن تكذيب قومه له بأنه ليس ببدعٍ بين الرسل، فقد كُذِّب كثيرٌ منهم قبله، فعليه ان يتأسّى بهم ويصبر على أذى قومه، والى الله مرجعُ الجميع.
ثم ذكر الأصل الثالث وهو البعثُ والنشور، وانه حق لا شك فيه. . . فلا تغرَّنكم الحياة الدنيا، فيذهلكم التمتعُ بها وبزخرفها عن طلب الآخرة، ولا يخدعنّكم الشيطان عن اتّباع الرسول، ان الشيطان لكم عدوٌّ قديم فلا تنخدعوا بوعوده، واحذروا منه واتخذوه عدوا حقيقيا.
{الذين كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}
الذين كفروا من أتباعِ الشيطان واغتروا به هم أصحابُ النار، يقابلهم الذين آمنوا فلم ينخدعوا باقوال الشيطان، بل آمنوا بالله وعزّروا إيمانهم بالعمل الصالح. . . وهؤلاء اصحاب الجنة {لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} من الله.
ثم بيّن البعدَ بين الفريقين: الضالين والمهتدين، واختلاف حالهم فقال:
{أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سواء عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً}
أفمن زين له الشيطان عمله السيّء فرآه حسنا هو في الواقع كمن هداه الله فرأى الحسنَ حسنا والسيء سيئا؟ انهما لا يستويان أبدا.
{فَإِنَّ الله يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ}
يضلّ من يشاء من الجاحدين الذين ارتضوا سبيل الضلال، ويهدي من يشاء ممن اختاروا سبيل الهداية.
ثم يخاطب الرسولَ الكريم حتى يسليه فيقول:
{فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ الله عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}
فلا تُهلك نفسَك حزناً على الضالين الذين لم يؤمنوا وحسرةً عليهم، ان الله محيط علمه بما يصنعون من شر فيجزيهم به.