لليد عدة معان، منها اليد الجارحةُ المعروفة، والنعمة، اذ يقال: لفلان عندي يد أشكره عليها. والقدرةُ والمُلك، كما في قوله تعالى {الذي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النكاح} . والمقصود هنا اليد الحقيقة كما يقصدون بذَلك. غُلَّت أيديهم: أمسكت وانقبضت عن العطاء، وهو دعاء عليهم بالبخل. يداه مبسوطتان: يعني هو كثير العطاء. الحرب: ضد السلم، فهي كل ما يهيج الفتن والقلاقل، ولو بغير قتل. اقامة التوراة والانجيل: العملُ بما فيهما على أتمّ الوجوه. لأكَلوا من فوقِهم ومن تحت أرجُلهم: أي لوسَّع الله عليهم موارد الرزق. مقتصدة: معتدلة في أمر الدين.
بعد أن ذكر سبحانه في الآيات السالفة بعض مخازيهم الّتي أدت الى اختلال نظُم مجتمعهم ذكر هنا أفضع مخازيهم وأقبحَها، وهي جرأتُهم على ربهم، ووصفُهم إياه بما ليس من صفته، وإنكار نعمته عليهم. والذي يطالع التلمود ويقرأ ما فيه من جُرأة على الله ومن كلام تقشعرّ له الأبدان يعلم خُبثهم وقباحتهم.
وقالت اليهود اللهُ بخيل لا تبسط يده بالعطاء، بل كذبوا إنهم هم البخلاء، لعنهم الله وأبعدهم من رحمته. ان الله عني سخيّ ينفق كما يشاء، فهو الجواد المتصرف وفق حكمته. أما تقتير الرزق على بعض العباد فإنه لا ينافي سعة الجود، فهو سبحانه له الإرادة والمشيئة في تفضيل بعض الناس على بعض في الرزق.
ان كثيرا من هؤلاء المنكرين سوف يزدادون إمعاناً في الضلال، حسداً لك يا محمد، ونقمة على ما أنزله إليك ربّك من كلامه في القرآن.
{وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ العداوة والبغضآء إلى يَوْمِ القيامة} والعداوة ملموسة فيما بينهم وبين النصارى وفيما بينهم أنفسهم. وإن المقام ليضيق عن سَرْد أقوال علماء النصارى وقادتِهم ورؤسائهم في شتم اليهود وإبراز مساوئهم. لذا تجدني أكتفي بذكر بعض هذه الأقوال:
يقول بنيامين فرانكلين في خطابه في المؤتمر الدستوري التأسيسي المنعقد في فيلادلفيا (الولايات المتحدة) سنة ١٧٨٧م.
«في كل بلد استوطنه اليهود. انحطّت القيم الأخلاقيّة الى الدَّرْك الاسفل وشاعت الفوضى واللامسئولية والاحتيالُ في معاملات أبنائه التجارية. هذا بينما ينعزل اليهود متقوقعين على أنفسهم في كتَلٍ وعصابات، لم نتمكّنمن القضاء عليها ولا دمجها في مجتمعنا. لقد هزىء اليهودُ من قِيم ديانتنا المسيحية التي تقوم دولتنا عليها وتعيش بها، متجاهلين كلَّ أنظمِتنا ومحظوراتِنا، فمكّنهم ذلك من إقامة دولة لهم داخل دولتنا» إلى أن يقول:
«إنكم إن لم تطردوهم عن ديارنا فلن يمضي أكثرُ من مائتي سنة حتى يصبح أحفادُنا خَدَماً في حقولهم يمدّونهم بثروات بلادنا. . . ان اليهود يشكّلون خطراً عظيماً على هذه البلاد، وإنني أؤكد على ضرورة طردِهم منها ومنعِهم من الدخول إليها أو الإقامة فيها، بموجب نصوص دستورية صريحة» .