الكُفر: ستر الشيء وتغطيته، ومن كفر فقد غطى الحقيقة وستر نعم الله عليه، وجحد الايمان.
والختم: الطبع، كأنما خُتم على قلوبهم فلا ينفذ اليها الإيمان.
والغشاوة: ما يغطى به الشيء.
ان هؤلاء الكافرين ميئوس منهم، سواء أخوّفتهم يا محمد أم لم تفعل، فهم لا يؤمنون. لقد أُغلقت قلوبهم وطُبع عليها ففي سمعهم ثِقَل وعلى أعينهم حجاب. وذلك ما فسدت به فطرتهم من أوهامهم الضالة، وقصور استعدادهم لادراك الحق. {وَقَالُواْ قُلُوبُنَا في أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ}[فصّلت: ٥] . اولئك هم الكافرون، لهم عذاب أليم. فلا يؤثّر فيهم موعظة ولا تذكير ولا يرجى تغيير حالهم، ولا أن يدخل الإيمان في قلوبهم.
هذه هي الصورة الطائفة الثانية، وقد بين الله أوصافها في كثير من آيات القرآن وعبر عنها بالكافرين، والفاسقين، والخاسرين، والضالين، والمجرمين.
والصورة الثالثة هي صورة المنافقين، الطائفة التي ظهرت في المدينة بعد الهجرة، وبعد أن ترك «ّز المسلمون وقيت شوكتهم، فضعفت هذه الطائفة عن المجاهرة بالكفر والعناد. لذلك ظلوا كافرين في قلوبهم وإن ظهروا بين المسلمين كالمسلمين: يقولون كلمة التوحيد ويصلّون كما يفعل المسلمون. لقد ظنّوا أنهم يخادعون الله ورسوله والمؤمنين، ومن ثمَ اتخذوا لأنفسهم وجهين. وما ابتُلي المسلمون في أي زمان ومكان بشّرِ من هذه الطائفة: انها تدبر المكائد، وتروّج الأكاذيب، وتنفث سموم الشر والفتن. وقد اهتم القرآن بالحديث عنهم، والتحذير منهم، حتى لا نكاد نجد سورة مدنية تخلو من ذكرهم، بل وقد نزلت فيهم سورة كاملة سميت باسمهِم» المنافقون «.