عوجا: العِوج بكسر العين عدم الاستقامة. قيّما: مستقيما، معتدلا. البأس: العذاب. من لدنه: من عنده. كبرتْ كلمة: ما اعظمها من مقالة في الكفر، ومعنى الكلام الاستغراب والتعجب. فلعلك باخعٌ نفسَك: لعلك مهلكٌ نفسك. على آثارهم: من بعدهم. صعيدا جرزا: تراباً لا يُنبت.
ان الله تعالى يحمد نفسه المقدسة عند فواتح الأمور وخواتمها، ولهذا حمد نفسه على إنزاله القرآنَ على رسوله الكريم، وهو اعظم نعمة أنعمها الله على أهل الارض. فبه أَخرجهم من الظلمات الى النور، ولم يجعل فيه اعوجاجا لا باختلال ألفاظه، ولا بتباين معانيه، بل جعله مستقيما معتدلا، لا إفراط فيه ولا تفريط، لينذر الجاحدين بعذا شديد من عنده، ويبشر المؤمنين الذين يعملون الاعمال الصالحة بأن لهم ثوابا جزيلا. {مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً} مقيمين فيه ابدا.
وينذر على الخصوص الذين قالوا إن الله اتخذ ولدا، وهو منزه عن الولد والشريك، ولا دليل لديهم على قولهم هذا لا هم ولا آباؤهم، فما أعظمَ هذا الافتراء، وما اكبر هذه الكلمة التي تفوهوا بها! وما قولهم هذا الا محض اختلاق وكذب.
{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ على آثَارِهِمْ} لا تهلك نفسك أيها النبي أسفاً وحسرة عليهم. لأنهم لم يؤمنوا بالقرآن، أبلغهم رسالة ربك، فمن اهتدى منهم فلنفسه، ومن ضل فانما يضل عليها.
إنا خلقناهم للخير ولاشر، وصيرنا ما فوق الارض زينة لها ومنفعة لأهلها، لنرى من يحسن منهم ومن يسيء، ويمتاز افراد الطبقتين بعضهم عن بعض بحسب درجات اعمالهم.
{وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً} وانا لجاعلون الارض وما عليها تراباً لا نبات فيه عند انقضاء الدنيا. والخلاصة ان {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ}[الرحمن: ٢٧] .