يشهد الله: يحلف بالله. ألد الخصام: أشد الخصام. تولى: انصرف وأدبر، وبعضهم فسرها بانه تولى الحكم والسلطان فكان فساده أعظم. الحرث والنسل: الزرع والولد. أخذته العزة بالاثم: حملته الانفة والحمية. المهاد: الفراش. يشري نفسه: يبيعها. ابتغاء مرضاة الله: من اجل رضاء الله.
في هذه الآية الكريمة يعرض علينا تعالى نموذجين من صور البشر، الاول: ذلك المنافق الشرير صاحب المظهر الحسن واللسان الذلق اللطيف، الذي يعجب به الناس. اما فعلُه فهو سيء قبيح. انه يُشهد الله على أنه مؤمن صادق، لكنه كذاب آثم خدّاع، شديد الخصومة. فاذا انصرف من المجلس سعى في الفساد فاحرق الزرع وأهلك النسل والحيوانات. ان الله تعالى لا يحب المفسدين، بل يمد لهم ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر. واذا دُعي ذاك الرجل الى الصلاح والتقوى لم يرجع الى الحق، بل تكبّر وشمخ بأنفه وأخذته حمية الجاهلية.
ان هذا الصنف من الناس مصيره الى جهنم وبئس القرار.
قال الطبري: نزلت هذه الآية في الأخنس بن شريق، فقد جاء الى النبي بالمسجد وأظهر الاسلام، وكان حسن المنظر فصيحا. لما خرج وتولى صادف في طريقه زرعاً للمسليمن فأحرقه، وبعضَ الحيوانات فقتلها.
وعلى اي حال فإن العبرة بعموم اللفظ، والآية تنطبق على كل خداع منافق غشاش.
والثاني: ذلك الذي يؤمن بالله إيماناً حقيقيا، ويبذل نفسه في سبيل إعلاء دينه، فلا يطلب عرض الدنيا وزخرفها. وأمثال هذا رضي الله عن هم، وأعد لهم يوم القيامة جنات عدن يدخلونها، ورحمة من الله واسعة. ويقال إنها نزلت في صهيب الرومي، وقيل فيه وفي غيره. والعبرة كما قدمنا بعموم اللفظ، فهي عامة في كل من يبذل نفسه وماله في سبيل الله.