جاء ذكر عاد قومي النبي هود سبع مرات بدون ذكره هو صراحة، وذلك سورة المؤمنون، وفصلت، والاحقاف، والذارايات، والقمر، والحاقة، والفجر.
والقارئ لقصة هود مع قومه يراه إنسانا وقوراً رزيناً يزنُ الكلامَ قبل إلقائه، ويتجلى الإخلاص وحُسن النية على قسمات وجهه. فهو لا يقابل الشرَّ بمثله، بل لا يفارقه اللّينُ مع قومه أبداً، ويتلطف معهم بذكِر نعم الله عليهم ويرغَّبهم في الايمان، ويذكّرهم بما أنعمَ اللهُ عليهم به من اموال وبنين وجنات وعيون، وأنه زادَهم في الخلْق بَسْطَةً، وجعلهم خلفاء الأرض من بد قوم نوح، فإذا آمنوا حازوا رضي الله، فيرسل السماءَ عليهم مِدراراً لسقي زروعهم وإبناتِ الكلأ لماشيتهم، كما يزيدُهم عزّاً على عزّهم، وكان في كل محاوراته معهم واسعَ الصدر، مثالَ الحكمة والرزانة والأَناة.
وقد ذكرت قصة هود في سورة الاعراف بأُسلوب ونَظْمٍ يخالف ما هنا، وفي كل من الموضعَين من العظمة والعبرة ما ليس في الآخرة.
{وإلى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ ياقوم اعبدوا الله مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ} .
وأرسلْنا الى قوم عادٍ أخاهم في النسَب والوطَن هودا، فقال لهم: يا قوم، اعبُدوا الله وحده، ليس هناك إلهٌ غيره، أما عبادتكم للأصنام والأوثان فهي محض افتراءٍ منكم على الله.
كانت مساكنُ عادٍ في أرض الأحقاف، في شمال حَضْرَمَوْت، وفي شمالها يوجد الرَّبْع الخالي، وفي شرِقها عُمان. وموضع بلادهم اليومَ رمالٌ خالية ليس بها أنيس. ولم يردْ ذِكرٌ لقوم عاد في الكتب القديمة سوى القرآن الكريم.
{ياقوم لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الذي فطرني أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} .
يا قوم إنني لا أطلبُ منكم أجراً على تبيلغ رسالة ربي إليكم، فأَجري على من خلقني وبعني اليكم. أفلا تعقِلون ما ينفعُكم وما يضركم؟ .
يا قومُ اطلبوا المفغرةَ من ربِّكم على سلَفَ من ذنوبكم، ثم توبوا إليه توبةً صادقة، فإنه يَغِيثُكم بالمطر الغزير المتتابع، ويزيدُكم قوةً الى قوتكم التي تغترّون بها، ولا تُعرِضوا عما أدعوكم اليه، وأنتم مصرّون على إجرامكم وآثامكم.