الساعة: القيامة، ايان: متى. مرساها: وقت حصولها. يجلِّيها: يظهرها. بغتة: فجأة حفيّ عنها: عالم بها، مختم بالسؤال عنها.
بعد أن أرشد اللهُ من كانوا في عصر التنزيل الى النظر والتفكير في اقتارب اجلهم بقوله:{عسى أَن يَكُونَ قَدِ اقترب أَجَلُهُمْ} قفّى على ذلك بالإرشاد الى النظر والتفكير في أمر الساعة التي ينتهي بها أجل جميع من على هذه الارض. وقد كانت عقيدة الآخرة والحشْر وما فيها من حساب وجزاء غريبةً عن أهل الجزيرة العربية، وكانوا يعجبون من الحياة بعد الموت، ومن البعث للحساب والجزاء. لذلك كله كان التوكيد في القرآن شديداً على عقدية الآخرة.
يسألك مشركو مكة يا محمد عن الساعة والقيامة في اي وقت تكون؟ قل لهم عِلمُ وقتها عند ربي وحده، لا يكشف الخفاء عنها احد سواه، فقد ثَقُلت وعظُم هلوها، وهي لن تأتيكم الا فجأة بلا إشعار ولا انذار وهم يسألونك هذا، وكأنك عالِم بها حريصٌ مهتم بالسؤال عنها، فكرر عليهم الجواب بأن علمها عند الله، ولكن اكثر الناس لا يدركون الحقائق التي تغيب عنهم.
قل لهم أيها الرسول: إني لا أملِك لنفسي جَلْب نفعٍ ولا دفع ضرر الا ما شاء الله ان يقدِّرني عليه. ولو كنت اعلم الغيبَ كما تظنون، لاستكثرت من كلّ خير، ولدفعتُ عن نفسي كل سوء. لكن الحقّ أني لست الا نذيراً للناس أجمعين فالذين يؤمنون ينتفعون بما جئت به، ويذعنون للحق.
فالرسول عليه الصلاة والسلام كغيره من الرسل، بشر لا يدّعي الغيب، بل إنه مأمور ان يَكِلَ الغيب الى الله، فذلك من خصائص الألويهة، أما الرسل فهم عباد مكرّمون لا يشاركون الله في صفاته ولا أفعاله، وانما اصطفاهم تبليغ رسالته لعباده، وجَعَلَهم قدوةً صالحة للناس في العمل لما جاؤا به من هدى وفضيلة.