وأوحينا الى أم موسى: ألهمناها. اليمّ: البحر والمراد هنا نهر النيل. حَزنا: الحزن بفتح الحاء والزاي، والحزن بضم الحاء وسكون الزاي. . . الغم ولمكروه من الشدة. قرة عين: فرح وسرور لنا. فراغا: خاليا من القعل. وان كادت لتبدي به: كادت تذهب الى آل فرعون وتعرّف نفسها بأنها أمه. ولولا ان ربطنا على قلبها: لولا ان ثبتناها وجعلناها تصبر. قُصّيه: اقتفي أثره وتتبعي خبره. فبصرت به عن جُنب: فأبصرته عن بعد وكأنها لا تريد ان تتبع أثره. وهم لا يشعرون: لا يدرون أنها اخته. حرّمنا عليه المراضع: جعلناه لا يقبل ان يرضع من غير امه. يكفلونه: يضمنون رضاعته وتربيته.
ولما وُلد موسى في أثناء تلك المحنة ألهمنا أمه أن تُرضعه وتخفيَه ما استطاعت الى ذلك سبيلا، وقلنا لها: إن خِفتِ عليه فألقيه في النيل، في صندوق، ولا تخافي عليه ولا تحزني، فنحن سنردّه اليك، وسيكون من الانبياء المرسلين.
فالتقطه آل فرعون وجاؤوا به الى سيّدتهم، امرأة فرعون، فأحبّته تلك المرأة وقالت لزوجها: لا تذبحْه، بل اتركه ليكون لنا مصدر سرور وفرح. كانوا لا يدرون أنه سيكون لهم عدواً وسببَ حزنٍ كبير، بإبطال دينهم وزوال مُلكهم على يديه. . ان فرعون ووزيره هامان وجنودهما كانوا مجرمين.
{وَقَالَتِ امرأة فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عسى أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} بما قدّر الله في شأنه.
وصابح فؤادُ أم موسى فارغاً من العقلِ خوفاً على ابنها لوقوعه في يد فرعون، حتى إنها كادت تذهبُ الى آل فرعون وتعرِّف نفسَها بانها امه، لولا ان ثبّتها الله بالصبر.
وقالت لأخته: اقتفي أثر أخيك، وتتبعي خبره عن بعدٍ وهم لا يشعرون بك. ولم يقبل موسى ان يرضع من أي امرأة، فقال اخته لآل فرعون: هل ادّلكم على امرأة ترضعه وتقوم بأمره وتنصح في خدمته؟ ووافقوا. وهكذا ارجعناه الى امه لتطمئنّ الى وعدِنا ويذهب عنها الحزن، ولتعلم ان وعد الله حق، وانه سيكون من المرسَلين.