الواد المقدس: الوادي المبارك، طوى: اسم ذلك الوادي، وهو بين العقبة ومصر. طغى: تجاوز الحد فتكبر وكفر. تزكّى: اصلها تتزكى بتاءين: تتطهر من الشرك. أهديك: أدلّك. الآية الكبرى: العلامة الدالة على صدق موسى، وهي انقلاب العصا حية. أدبر يسعى: ذهب يدبّر المكايد لموسى. فحشر: فجمع السحرة. النكال: العذاب. رفع سَمكها فسوّاها: خلقها بأحسن نظام. أغطشَ ليلها: جعله مظلما. أخرجَ ضحاها: اظهر نورها وضياء شمسها. دحاها: مهّدها وجعلها قابلة للسكنى. مرعاها: نباتها. ارساها: أثبتها. متاعا: متعة ومنفعة لكم ولأنعامكم.
يذكر الله تعالى قصةَ موسى وفرعون تسليةً للرسول الكريم على ما يلاقيه من قومه، بحكْمِ تكذيبهم له وإنكارهم للبعث، وتماديهم في العُتُوِّ والطغيان. وذلك أن فرعون مع أنه كان أقوى من كفار قريشٍ وأشدَّ منهم شوكةً وأعظمَ سلطانا فإن الله أخَذه حينَ تمرد على ربه ولم يؤمن بموسى، فاحذَروا أن يصيبَكم ما أصابه. وقصة موسى وفرعون من أكثر القصص التي ترِدُ في القرآن في اساليب متنوعة. وهنا جاءت مختصرة سريعة في اسلوب استفهام رشيق مشوّق لتناسب طبيعة السورة.
{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ موسى. . . . الآيات}
هل أتاك - يا محمد - حديث موسى مع فرعون، حين ناداه ربُّه في وادي طوى المقدّس في سيناء، حيث أمره أن يذهب الى فرعون وقومه ليهديهم الى الطريق المستقيم، بعد أن طغى واستكبر واستعبد الناس!
ثم طلب الله تعالى الى موسى ان يُلينَ له القولَ فذلك أنجحُ للرسالة.
{فَقُلْ هَل لَّكَ إلى أَن تزكى وَأَهْدِيَكَ إلى رَبِّكَ فتخشى}
هذا كلام جميل في غاية الرقة واللطف. قل له يا موسى: هل ترغبُ أن تطهِّر نفسَك من الآثام التي انغمستَ فيها، وتعملَ بما أدلُّك عليه من طُرُق الخير، فترجعَ الى ربك وتؤمن به، وتخشى عاقبة مخالفته.
ثم أراه الدليلَ الحسّيَّ على صدق نبوته {فَأَرَاهُ الآية الكبرى} وتلك هي قلبُ العصا التي معه حيّةً تسعى. فلم يقنع فرعون بما رأى وقال إنّ هذا سِحرٌ {ثُمَّ أَدْبَرَ يسعى} في تدبير سحرٍ مثله، {فَحَشَرَ فنادى فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ الأعلى} حيث جَمَعَ السحرةَ وخطب فيهم قائلا إنه هو الربّ الأعلى، لا سلطانَ يعلو سلطانه.
{فَأَخَذَهُ الله نَكَالَ الآخرة والأولى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يخشى} . فعذّبه الله تعالى بالغَرَقِ في الدنيا، وبعذاب جهنم في الاخرة. . وفي هذا عبرة وموعظة لمن يخاف الله وله عقل يَتدبر وينظر في عواقب الأمور.
إن الله سينصرك يا محمد على قومك كما نَصَرَ موسى على فرعون، وكان أشدَّ بأساً وأكثر جنداً من قومك هؤلاء. فاتبع يا محمد نهج موسى، ولِنْ لهم في الحديث، واصبر فإن الفوز لك.
وبعد أن أورد قصص موسى وفرعون هذه عاد الى مخاطبة الجاحدين المنكرين من قريش بأن من خَلَقَ هذا الكونَ العجيب الكبير وما فيه - لا يُعجِزه بعثهم من جديد بعد موتهم.