بورقكم: الورق بفتح الواو وكسر الراء، والورق باسكان الراء: الفضة، سواء كانت عملة او غيرها. ازكى طعاما: اجود او اطيب. وليتلطف: ليكن حذرا ومعاملته لطيفة. ولا يشعرن بكم احدا: لا يفعل ما يؤدي الى كشف احوالهم. ان يظهروا عليكم: ان يطّلوا عليكم. وكذلك اعثرنا عليهم: كذلك كشفنا امرهم فاطلع عليهم اهل المدينة. رجما بالغيب: القول بدون علم.
وكما أنمناهم بعثناهم نم نومِهم، ليسأل بعضهُم بعضا عن مدة بقائهم نائمين. فقال احدهم: كم مكثتُم نائمين؟ قالوا: مكثنا يوماً او بعض يوم. ثم احالوا العِلم الى الله، فقالوا: الله أعلمُ بما لبثتم. وشعروا باحتياجهم الى الطعام والشراب فقالوا: ابعثوا أحدكَم بدراهمكم الفضيّة الى المدينة، فلْينظْر أي الاطعمة أشهى فليأتِنا برزق منه وليتلطف بالتخفيّ حتى لا يعرفه احد. وكانوا لا يعلمون ان ثلاثة قرونٍ قد مرّت عليهم وهم راقدون.
انهم ان يطّلعوا عليكم يقتلوكم رجماً بالحجارة، او يعيدوكم إلى دينهم، ولن تفلحوا إذَنْ أبدا.
واطلعنا عليهم أهل المدينة ليعلم الناسُ أن وعدَ الله بالبعث حق، وان القيامة لا شك فيه. وآمن اهلُ المدينة بالله واليوم الآخر، ثم امات الله الفتية وتنازعَ الناس في شأنهم، فقال بعضهم: ابنُوا عليهم بنيانا ونتركهم وشأنهم، فربُّهم أعلمُ بحالهم. وقال الذين غلبوا على امرهم لنتخذنَّ على مكانهم مسجداً نعبد الله فيه.
لما ذكر الله القصة ونزاعَ المتخاصمين فيما بينهم، شرع يقصّ علينا ما دار في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من الخلاف في عدد اصحاب الكهف. سيقولُ فريق من الخائضين في قِصتّهم من اهل الكتاب: هم ثلاثةٌ رابعهم كلبهم، ويقول آخرون: هم خمسة سادسهم كلبهم، ظناً بدون يقين، ويقول آخرون هم سبعة وثامنهم كلبهم. قل يا محمد لهؤلاء المختلفين: ربي أعلمُ بعددهم، ولا يعلم حقيقته الا قليل من الناس أطلعَهم الله عليه، فلا تجادلْ في شأن الفتية الا جَدَلاً سهلاً ليّنا، ولا تستفتِ في شأنهم احدا، فقد جاءك الحق الذي لا مرية فيه.