للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تترى: متتابعين، تواترت الاشياء تتابعت مع فترات، واتر الشيءنَ: تابعه. وجعلناهم احاديث: يتحدث الناس بما جرى عليهم. بآياتنا: هي الآيات التسع التي سبقت في سورة الاعراف. وسلطان مبين: حجة واضحة. عالين: متكبرين. ربوة ذات قرار معين: الربوة: المرتفع من الأرض، ذات قرار: مستوية يستقر عليها الناس. معين: ماء. وهي القدس.

{ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ}

ثم خلقنا من بعدهم أقواماً غيرهم، كقومِ صالحٍ ولوطٍ وشُعيب. ولكل أمةٍ زمنُها ووقتُها المعيّن، لا تتقدم عنه ولا تتأخر، وكذلك لا تهلك أمةٌ قبل مجيء أجلِها ولا بعده.

{ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ}

ثم أرسلْنا رسُلَنا متتابعين، كلاَّ الى قومه، وكلّما جاء رسول قومَه كذّبوه في دعوته، فأهلكناهم متتابعين، وجعلنا أخبارَهم أحاديثَ يردّدها الناس ويعجبون منها. ومثلُ هذه الآية قوله تعالى: {فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} [سبأ: ١٩] . فبعداً لهم عن الرحمة، وهلاكاً لقومٍ لا يؤمنون.

{ثُمَّ أَرْسَلْنَا موسى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ. . . . .}

ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بعد الرسُل الذين تقدّم ذِكرُهم الى فرعون وقومِه، وفامتنعوا وتكبروا ولم يؤمنوا، وقالوا في تعجُّب وإنكار: أنؤمن بدعوةِ رجلَين من البشر مثلنا، وقومُهما لنا خاضعون وخادمون لنا كالعبيد!! فكذّبوهما في دعوتهما فكانوا من الملهَكِين بالغَرَق.

ولقد أوحينا إلى موسى بالتوراة، ليهتديَ قومُه بما فيها من أحكام وإرشادات لعلَّهم يهتدون. وجعلنا عيسى بنَ مريم وأُمّه: في حملها به من غير ان يمسها بشر، وفي ولادته من غير أبٍ - دلالةً قاطعةٌ على قدرتنا البالغة، وأنزلناهما في أرضٍ طيبة مرتفعة يجدان فيها الرعاية والإيواء. ففي كل هذه الآيات اجمالٌ وتلخيص لتاريخ الدعوة، يقرر سُنة الله الجارية، في امد الطويل بين نوح وهود وموسى وعيسى، كل قرن يستوفي أجَله ويمضي.

<<  <  ج: ص:  >  >>