بعد ان نَعَى الله تعالى على المشركين ما هم عليه من جهل وعناد في اتباع القديم المتوارَث رغم عماه، دون إخضاعه لنقد ولا تمحيص أمر المؤمنين أن يهتموا بإصلاح أنفسِهم، فاذا أصلحوها وقاموا بما أوجب الله عليم، لن يضرّهم بعد ذلك ضلالُ غيرهم.
روى ابن جرير عن قيس بن ابي حازم قال: سمعت أبا بكر يقول وهو يخطب الناس: يا أيها الناس، إنكم تقرأون {ياأيها الذين آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ. . .} الآية ولا تدرون ما هي. وإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«إن الناس إذا رأوا منكَرا فلم يُغَيِّروه عَمَّهُم بِعقاب» .
ومعنى أن الأمة يجب أن تتخلَّى عن واجباتها في دعوة الناس الى الهدى، ولا في كفاح الشر، ومقاومة الضلال، فإذا ضل أناسٌ من غير ديننا، ولم يستجيبوا لهدايتنا، فلا يضرُّونا ذلك. أما اذا قصّرنا في الدعوة، فقد يعمُّنا العقاب.
اعلما أيها المؤمنون بما أمرتكم به، وانتهوا عما نهيتكم عنه، ومروا من حاد عن سبيلي، بالمعروف، وانهوهم عن المنكر، فإن اليّ مرجعكم، وأَنَا العالِم بما تعملون من خير وشر، وفأُخبركم يوم الحساب بكل ذلك ثم أجازي كل فرد على ما قدّم.