القرية: معروضة، وقد تطلق على البلد الكبير. وهنا لم يحدد مكانها، ولم يرد خبر صحيح عن مواضعها. خاوية على عروشها: خالية وساقطة على سقوفها. ويقال العروش هي الأبنية أيضا. لم يتسنّه: لم يتغير ولم يفسد ننشزها: نجعلها ترتفع، ثم نكسوهنا اللحم.
في هذه الآية الكريمة والتي بعدها يعرض علينا الله سبحانه وتعالى أسرار الحياة والموت. فالموتُ نتيجة حتيمة لهذه الحياة، بل هو ظاهرة طبيعية مكلمة لصفات الكائن الحي. فكما تتصف الأحياء بالنمو والتكاثر والحركة تتصف أيضاً بالضعف والفناء.
وبين الآية السابقة {أَلَمْ تَرَ إِلَى الذي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ} وهذه الآيةِ عطف. فيقول: ألم تعلم بهذه القصة العجيبة، قصة ذلك الرجل الذي مر على قرية متهدمة سقطت سقوفها وهلك أهلها، فقال متعجبا: كيف يحيي الله أهل هذه القرية بعد موتهم! وكيف تعمرُ هذه القرية بعد خرابها! فأماته الله مائة عام، ثم بعثه حتى يبيّن له سهولة البعث على الله. وبعد ذلك سُئل: كم المدة التي لبثْتَها ميتا؟ قال، وهو لا يعلم: قد مكثت يوما أو بعض يوم. فقال له الله: بل مكثتَ مائة عام. ثم وجّه نظره الى أمر آخر من دلائل قدرته فقال لهك انظر الى طعامك لم يفسد ولم يتغير، وكذلك شرابك. وانظر الى حمارك أيضاً كيف نخرتْ عظامه وتقطعت أوصاله حتى تستيقن طول المدة الي مكثتها وتؤمن بالإحياء بعد الموت. ولنجعلَكَ آيةً ناطقة للناس بالبعث. انظر الى العظم نركّبه ونجعله ينمو ثم نكسوه اللحمن ثم ننفخ فيه الروح فتتحرك.
لقد أطلعناك على بعض آياتنا الدالة على قدرتنا على البعث، لتعلم ان الله تعالى قادر على ان يعيد العمران للقرية ويعرها بالناس والحيوان. وأن ذلك القادر على الإحياء بعد مائة عام وهو قادر عليه بعد آلاف السنين. و {كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ} . فلما ظهر له إحياء الميت عياناً قال: إن الله على كل شيء قدير.
القراءات:
قرأ حمزة والكسائي «لم يتسن» بغير الهاء. وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب «ننشرها» بالراء المهملة من أنشر، وقرأ حمزة والكسائي:«اعلم» بصيغة الأمر.