الذاريات: الرياح تذرو الترابَ وغيره، وهي تحمل معها الحياة لأنها تسوق السحاب، كما تحمل الدمار احيانا. فالحاملات وقرا: الوقر هو السحاب، تحمله الرياح موقَرة بالغيث يسوقها الله الى حيث يشاء. فالجاريات يُسرا: السفن تجري في يسر على سطح الماء. فالمقسّمات أمرا: الملائكة التي تحمل أوامرَ الله لتبليغها الى رسُله. انما توعَدون: هو البعث وهو صدق، والدين: هنا الحساب والجزاء. والسماءِ ذات الحبك: السماء ذات الطرق المحكمة النظام. إنكم لفي قول مختلف: مضطرِب متناقض. يؤفكُ عنه مَن أُفك: يُصرف عنه من صرف عن الايمان. الخرّاصون: الكذابون. في غمرة: في جهل يغمرهم. ساهون: غافلون عما أُمروا به. أيان يوم الدين: متى يوم الجزاء. يفتنون: يحرقون. فتنتكم: عذابكم العدّ لكم. أقسَم الله تعالى بهذه الأشياء: بالرياح المثيراتِ للتراب وغيره، وبحملها للسُحب فالحاملات منها ثقلاً عظيما من الماء، وبالسفن الجارية تمخرُ البحار، وبالملائكة تقسِم أوامرَ الله وتبلّغُها إلى رسله الكرام - أنّ البعث لحقٌّ صادق، وان الدّين (وهو الجزاء على اعمالكم) لحاصِل. واقسم الله تعالى بالسماء ذاتِ الجمال والبهاء، المحكَمةِ البنيانِ والنظام، أنكم أيّها المشرِكون المكذِّبون للرسولِ لَفي قولٍ متناقضٍ مضطرب {يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} أي يُصرف عن الدين والحق، من صرَفَه عنه جهلُه وهواه.
{قُتِلَ الخراصون الذين هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ}
هلك الكذّابون القائلون في شأن القيامة بالظنّ، الذين هم مغمورون في الجَهل، غافِلون عما أُمروا به.
وهم يسألون استهزاءً فيقولون: متى يومُ الجزاء؟ قل لهم يا محمد إن يومَ الدّين {يَوْمَ هُمْ عَلَى النار يُفْتَنُونَ} أيْ في جهنمَ يُحرقون، ويُقال لهم:{ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ هذا الذي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} ذوقوا هذا العذاب الذي كنتم تظنون انه غير كائن وتستعجلون وقوعه مستهزئين.